عندما لا يبقى لك الا الله
سميرة بيطام
نشر في 26 نونبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قد يتساءل انسان هذا العصر حول الظروف التي صارت تحيط بنمط الحياة المكتظ بالضغوط و الخلافات و الضغائن و الصعوبات و العراقيل و المشاكل ، ثم المنبه لوتيرة الزمان يلاحظ أن الوقت يمر بسرعة البرق حتى صارت الواجبات أكثر في مددها من الأوقات ، نتعذر أحيانا عن تلبية الدعوات و الجلسات و نتنحى جانبا حينما يكون هناك ضغط في الحياة ، تشعر أن القلوب ضيقة و أنها تمد بالشحناء أكثر منها للحب ، و تحس أن العقل البشري اليوم يفكر بصيغة المادة أكثر شيء من الالتفات للروحانيات .
أعتقد أن رزنامة العصر تبوح بأشياء كثيرة ، كل شيء مختلف تماما عما كنا عليك في الماضي ، أصبحت الحياة صعبة جدا في أبسط أشيائها لأن الناس اليوم يتعمدون الصعب حتى يحققوا نوعا من التوازن و الاستقرار النفسي في ذواتهم و لو أنه استقرار مزيف ، يخبرني بعض الأصدقاء أنه لم يعد في محيطهم العائلي و المهني ذوق و لا طعم ، يستبعدون أن تكون الأحداث غيرت مجرى التعاطف مع الناس ، يفضل غالبيتهم العزلة و النأي عن المجتمع و عدم الاحتكاك به ، لأنه لا فائدة من التقرب بل يؤدي ذلك الى جلب المتاعب ، ناهيك عن نكسات و خيبات الأمل التي تصيب المبتلى بالتكرار فيشعر أنه لا يقدر على تحقيق أي نجاح في الحياة ، تتسارع الخطب في الكلام و لا هدف منها ، يلتقط المارة من عبثية الجدل نجاحات الغير بتعجب و لا يفكر العاقل أنها ربما جاءت بناءا على تزوير أو رشوة او احتيال ، كثيرون من فقدوا مصالحهم و رواتبهم و صحتهم و علاقاتهم فيتجدد اليأس فيهم يوما بعد يوم ، يلتفتون يمنة و يسرة فلا يجدون لمن يبوحون له بأسرار الحياة ، يفضلون العزلة و البعض من الشباب يفضل اللجوء الى المخدرات أو أي مشروب يسافر به بعيدا عن الواقع المر ، عينة الناس هاته ترى أن الحياة لا نفع فيها بل هي عذاب و تعب و مرض ليس الا .
يمكن مناقشة هذا الصنف من الرؤى و التي على ما يبدو اعدادها تزداد يوما بعد يوم ، لنقول متسائلين: حتى لو فقدت كل شيء و لم يبق لك الا الله ،فما أنت فاعل ؟ ، حتى لو لم تتبدد غيوم الحزن عن ملامح وجهك و ظللت تركض خلف الحلول عند الأطباء و العارفين و لكن لم يبق لك الا الله في خضم كل تلك الحلول المجربة و التي لم تأتي لك بجديد ، فهل مقتنع؟.
هل سألت نفسك يوما ، هل فعلا لما يكون الناس من حولك قريبون جدا و يسمعون لآهاتك و مشاكلك هل فعلا يتعمقون في آلامك ليفهموها جيدا ؟ ، حتى لو لم يعد لك مال و لا صديق و لا جار طيب يؤنسك في العمارة أو في الفيلا التي تسكنها و ترى في نفسك أنك انطوائي زيادة عن اللزوم ، هل فعلا عرفت أن الصحة كنز لا يفنى و أن بعض الأغنياء لا ينامون الا على أجهزة للتنفس السريري ، هم أغنياء و يملكون المال لشراء الصحة ، لكنهم فقدوها و لم يبق لهم الا الله ..
هل تساءلت يوما ان ضاع كل شيء منك و يبقى الله دائما تذكره و تشكره ستجد راحة نفسية و طمأنينة أفضل بكثير لو أنك كسبت كل شيء و ضيعت حق الله لهي الخسارة الحقيقية ، راجع كلامي جيدا و ستفهم معنى أن يضيع منك كل شيء الا تمسكك بحبل الله المتين، فذاك هو المكسب الحقيقي و الأبدي.
-
د.سميرة بيطاممفكرة و باحثة في القضايا الإجتماعية
التعليقات
مقال جميل... من كان الله كل شيء في حياته....سخر له الله كل شيء من حوله...
شكرا للتذكير فإن الذكرى تنفع المومنين.