ظاهرة اسمها أحمد أبو النصر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ظاهرة اسمها أحمد أبو النصر

  نشر في 14 نونبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

ما زلنا حتى الآن نعانى من استخفاف الكثيرين بعقولنا ، وإصرارهم على التعامل معنا بمنأى عن كل معانى الإنسانية ، وانتهاكهم لكل حقوق الآدمية ، وعدم الاعتراف بنا كعقول مفكرة ناضجة تستحق أن تُحترم .

فمنذ فترة زمنية لا تتعدى بضعة أشهر ، ظهرت تلك الظاهرة التى أساءت للجميع ، وعطلت القوارب السائرة ، وحملت الناس ما لا تطيق .

فقد ظهر هذا الطبيب الذى يدعى براعته ، وخبرته الواسعة فى جميع التخصصات ، فقد ضرب بفكرة التخصص عرض الحائط ، وأبى أن لا يكون إلا طبيباً معالجاً للجميع أياً كان التخصص وأياً كانت الحالة ، ورغم أن هذا أمراً غير قانونياً ولا منطقياً إلا أنه نجح فى إقناع الناس به ، واستطاع جذبهم واستمالتهم بظهوره يومياً على قناته الخاصة ( الصحة والغذاء ) يتكلم عن تفوقه الذى لم يشهد التاريخ بمثله من قبل فى التشخيص ، وعن العلاج الذى يفوق أثره أثر السحر على صاحبه ، ثم ينخرط فى سرد حكايات المرضى الذين يئسوا من العلاج وفقدوا الأمل فى الشفاء ، وعانوا كثيراً من الالام والأسقام ، وتغيرت أحوالهم بمجرد أن نظر إليهم ، ولم يكتف بهذا ، فقد أتى بأشخاص مأجورين ليشاركوه برنامجه الخاص ، ويحكوا عن معجزاته فى شفاء الحالات الميؤوس منها وبأقل التكاليف ، كما قام كل منهم بالحديث عن حالته الخاصة قبل لقائه بهذا الساحر العجيب وبعده ، والتحول الذى حدث له إثر تناوله أول جرعة من الدواء .

فقد قام هذا الساحر العجيب بجهد جبار ومحاولات عنيفة لإقناع الجماهير بقدراته غير الطبيعية ، ولم يكن كل هذا الجهد إلا للتنقيب عن المال فى جيوب البسطاء المحتاجين .

فمنذ عدة أيام ، اتصلت بى أختى المتزوجة فى إحدى المحافظات تحدثنى عن هذا العبقرى صاحب القدرات الخارقة وتسألنى أن أقوم بالحجز لها عنده ، فاستجبت لرغبتها وذهبت فى اليوم التالى مبكراً ، وإذا بالحشود المتجمهرة المتجمعة من جميع المحافظات فيما يشبه المظاهرة السلمية ، حتى زادت أعدادهم عن استيعاب المكان مما اضطرهم إلى افتراش الشارع بأولادهم ، والانتظار على المقاهى المجاورة ، وتعجبت لما يحدث ... فهذا مشهد لم تقع عليه عينى من قبل ، ولم أسمع عنه قط ، وواصلت مزاحمتى بعناء وتعثر حتى وصلت وليتنى ما وصلت ... فقد أخبرنى الموظف المختص بأنه يتعين علىَ الحضور الساعة الرابعة عصراً للكشف عند طبيب غير الذى نقصده ، ليقوم هذا الطبيب بتشخيص الحالة فقط ، وبعد ذلك نأتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل لمقابلة الدكتور ( أحمد أبو النصر ) عبر الشاشة ، ليقوم بتحديد أنواع الأعشاب اللازمة للحالة ، وشرائها من ( أكاسيا ) وهى الصيدلية الخاصة به والتى تحوى بعض أنواع الأعشاب .

وألححت بعدة أسئلة على هذا الموظف الذى كاد أن يفقد وعيه من تزايد أعداد المرضى ، والإجابة على استفساراتهم ، وتنظيم أدوارهم ، فكان السؤال الذى سألته وسأله جميع المرضى قبلى : لماذا لا نستطيع مقابلة الدكتور أحمد أبو النصر وجهاً لوجه، ولا يمكننا التحدث إليه إلا عبر الشاشة فقط ؟؟!!

فأجاب الموظف : لأن الدكتور فى الخارج ولا نية له بدخول مصر ، فلاحقته بالسؤال الثانى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة : لماذا تؤخر دورنا إلى نهاية القائمة ؟! فأجاب : ( إن موعدكم الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ، وهذا الموعد قبل نهاية القائمة بكثير ، فالنهاية قد تكون الساعة السادسة صباحاً أو أكثر) وتركته وأنا مشفقة عليه من حاله ، وبدأت محاولة الخروج وبداخلى العديد من الأسئلة الحائرة أحاول التوصل إلى إجاباتها ، فصرت أتنقل بين المرضى فى تحسب وتأنى لعلى أجد من أتى إلى هذا المكان سابقاً ليجيبنى ولو على بعض الأسئلة ويطمئن قلبى ، وكانت الدهشة عندما علمت أن جميع المرضى الحاضرين ، أتى كلاً منهم إلى هذا المكان لأول مرة فانتابنى القلق ، وبدأ الشك يتحول إلى يقين بأنها عملية نصب ليست إلا .. فهذا لاتفسير له إلا أن المريض الذى يأتى مرة لا يعاود المحاولة مرة أخرى ، ولا يأتى حتى للاستشارة طالما رأى أنه لا يرجى منها نفع ، ولكنى أصررت على مواصلة الطريق للنهاية ...

ومرَ اليوم بنفس الترتيب والأحداث التى وضعوها لنا ، وتنفسنا الصعداء حتى دخلنا لمقابلة الدكتور أحمد أبو النصر الذى رحب بنا عبر الشاشة ، ثم قام بإملاء السكرتير الخاص به أنواع الأعشاب المطلوبة للحالة دون أن يراها ، ودون أن يجيب على أسئلتنا ، ثم انطفأت الشاشة فجأة ، وانتهى بذلك دور الطبيب ليبدأ دور السكرتير الذى أعطانا الوصفة الطبية ، ودلًنا على عنوان ( أكاسيا ) .

وكل ما مضى من متاعب وأوجاع بداية بالحجز نهاية بالوصول إلى الطبيب ، والخروج من عيادته الساعة الرابعة فجرًا لم يكن شيئًا مقارنة بما حدث فى ( أكاسيا ) فمنذ أن جلسنا ننتظر دورنا لم نرَ أحدًا من المرضى اشترى العلاج الخاص به بأقل من أربعة آلاف جنيه كما انتبهت أختى لنفس ما انتبهت إليه ، فالصيدلى أعطي كل المرضى نفس أنواع الأعشاب بنفس الكميات ،ووصف لكل منهم نفس طريقة الإستخدام ، فانتابنا اليأس وخيبة الأمل وأدركنا وقتها حجم الخدعة التى خدعنا بها ، وشرعنا فى الإنصراف بعد كل هذا العناء ليبدأ عناء آخر مع المواصلات للعودة إلى البيت .

وسرت أُحدث نفسى وأتساءل : ألم يجد هذا الوغد طريقة للكسب المشروع أو حتى غير المشروع غير استدراج هؤلاء البسطاء المساكين والتنقيب عما بأيديهم ؟!!!

ألم تأخذه الشفقة والرحمة بهؤلاء الذين قاموا بجمع أثمان العلاج الباهظة من الديون التي أغرقتهم ؟!!

ألم يُبكيه حال هؤلاء الذين اقتطعوا من أقواتهم واحتياجاتهم الأساسية ليجمعوا ثمن العلاج كما يُبكينا ؟!!!

ألم يشعر بالذنب وأوجاع الضمير لتعطيل الناس واستهانته بأهمية أوقاتهم ، وعرقلة أعمالهم التى يُرزقون منها ؟!!!

ولكن .... ( إِنْ لَم تُرزَق الضمِير فافعل مَا ش

ئت ) .

ومن ناحية أخرى أين دور نقابة الأطباء إن كان ينتسب إليها أصلًا ؟ وأين الرقابة الطبية ودورها ؟

وهل الرقابة فى مصر اقتصرت فقط على الركض خلف الباعة الجائلين الذين يبحثون عن مصدر شريف لقوتهم وتتبعهم ، وفرض العقوبات عليهم ؟!

فإن كان هؤلاء الباعة يخالفون قواعد المرور ، ويشغلون الأرصفة ، ويسيؤون إلى واجهات الشوارع ، فإن هذا الوغد يخالف قواعد الإنسانية ، ويستغل سذاجة البسطاء وطيبتهم ، ويستميل مشاعرهم لإرضاء رغباته المادية ، فأيهما أحق بالعقاب ؟

إن الأدلة على كونة أحد المحتالين المشعوذين تعددت وأهمها وأقواها : عدم وجوده فى مصر ولو لأيام قلائل ، ولا يراه أحد إلا من خلال الشاشة فقط ، فلماذا الهروب إذًا إن كان صادقًا ؟!

ثانيًا ك تطابق العلاج الذي يعطيه لكل المرضى على اختلاف حالاتهم

ثالثًا : عدم وجود تخصص معين له وهذا ما يخالف قوانين الطب

رابعًا : لم يضع لافته تحمل اسمه وتخصصه وهذا ما يثير الريبة والشك

خامسًا : استبعاد الأدوية والعقاقير الطبية وكأنه لا علاقة له بها واكتفائه بمجموعة الأعشاب التى يصفها لكل المرضى

سادسًا : عدم وجود أى مرضى سابقين على الإطلاق فى كل هذا الجمع بل جاء كلًا منهم لأول مرة ، وهذا لا يحتمل إلا تفسيرًا واحدًا لا يقبل التثنية وهو أن كل مريض يأتى ويكتشف أنها مجرد حيلة لسلب كل ما فى حوذته يقرر عدم العودة مرة أخرى .

سابعًا : أن العلاج رغم ارتفاع ثمنه إلا أنه لابد أن يتكرر شهريًا لفترة قد تصل إلى عام أو أكثر وفقًا لرأى صيدلى ( أكاسيا ) .

ومن هنا نناشد نقابة الأطباء وكل مسؤول عن الرقابة الطبية فى مصر أن يرحموا هؤلاء المساكين من هذا الوغد ، وأن يقوموا بتتبعه ، وإلقاء القبض عليه كى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب بمشاعر الناس ، والإستخفاف بعقولهم

( وقفوهم أنهم مسؤولون )

                                                                              بقلم / فادية صقر


  • 1

   نشر في 14 نونبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا