محكمة القلوب
أحبّها الحب فكيف لا أحبها
نشر في 28 أبريل 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
اثر عملية التحيل والخيانة التي ة، ومع فتح الابواب امتلئت القاعة، وانقسمت بين مؤيد و رافض، في حين اتخذ بعض الدخلاء ممن يستهويهم هذا النوع من المحاكمات مكانًا عند الباب، واتخذت انا بدوري مكاني بالصف الاول بجانب مكتب الادعاء وبيدي حزمة من الاوراق وكنت في كل مرة استعين بمنديلي لمسح العرق جراء حرارة القاعة، وقد زاد مصباحها الخافت ذو النور المتقطع في توتير اعصابي...
وفجأةً عمّ السكون وانطلق صوت حاد من أقصى القاعة، انه منادي المحكمة يعلن دخول القاضي. انفتح الباب الكبير ودخل شخص اسود اللون، ثم انغلق الباب والكل الى القاضي ينظر، وانا بدوري نظرت اليه لكني لم اطل كثيرًا فقد كان وجهه وحده من بين ثيابه السوداء يشع بياضاً -وعاد البعض في تفسير ذلك الى قيمة العدل الكامنة فيه - سارع بالجلوس، ومطرقته التي قد نقش عليها ميزان العدالة تنقر نقرًا خفيفًا، لتسترجع بعد ذلك القاعة هدوئها من جديد..
إنطلق الصوت الحاد مجددًا مناديا المتهم، في حين اتزنت انا في جلستي ووضعت اوراقي على الطاولة... ٱدخل المتهم وأخذ مكانه في قفص الاتهام والسلاسل تكبله وبدأت الكلمات من ورائي تتساوى بين مجرم وبريئ؛ شق المؤيدين بالجرم الفادح يلقفونه في حين كان الرفضون ينادون بالبراءة ، وهكذا تواصل النقاش في شكله الهمجي الى ان سارع القاضي بقطعه بضربة زادت قوة عن سابقاتها من مطرقته، شفعها بقراءة لفحوى القضية وما جاء فيها، ومن أجل اعطاء العدالة مكانتها في المحاكمة اعطى القاضي الكلمة لكل منا ليعبر عن رايه ويكشف الحقائق ، كل ذلك سار في اطار قانون "محكمة الحب" او " محكمة القلوب"...
نقاشات ومدوالات افضت الى ان القلب قد خانني، نعم هذا ما قاله القاضي، ولكم كانت فرحتي شديدة بهذا النصر لكنه (القاضي) سرعان ما استدرك ولعب في استدراكه محامي المتهم دورًا كبيرًا مرجئًا موكله الى تأثير السحر والسحر بفعل ساحرة، فماكان من القاضي الا ان يطلب قدوم الساحرة واستجوابها مؤكدا على ان ذلك من عدالة المحكمة، ونادى منادي المحكمة -وسط اندهاشي - برفع المحاكمة على ان تستأنف بعد نصف ساعة بحضور ساحرة القلب.
...بعد نصف ساعة عاد كل شيئ الى ما كان عليه : القاضي بوزاره الاسود في مكانه والمتهم كذلك. ودخلت الساحرة ،دخلت وسط عضوين من من أمن المنطقة. ما أجملها! رائعة! الحسناء! كلها عبارات انطلقت في ارجاء القاعة تعلن على اتفاق الشقين ولاول مرة. وقف المتهم قائلا وهو يشير باصبعه تجاهها "هذه ساحرتي ياسيدي".
وقف القاضي مسرعا ختى انه تعثر بكرسيه وسقطت عمامته من على راسه وتلاها ردائه الذي سقط بدوره ليكشف عن جسم ابيض رفرف وطار مرددًا البراءة على مسامع الجميع الذين أجمعوا على ان ذلك الجسم الابيض منعدم الحدود كثير الاشعاع انما هو الحب...
التعليقات
فالحب يمكن وصفه فعلا بأنه قاضى احيانا ينصف واحيانا يظلم
موفقة في اختيار الموضوع مريم