نشر في 06 أكتوبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
مرت الأيام الدراسية وتعاقبت الشهور وانتهى الفصل الأول ,وكانت الحصيلة صف كامل لا يعرف الحروف ولا معانيها ولا الأرقام ولا حتى كيفية كتابتها..
الله اكبر,ذنوب هؤلاء الأطفال من يتحملها؟
قرر والد الطفل نقل ابنه إلى مدرسة أخرى في العاصمة في نهاية العام الدراسي,لكن المشكلة كانت في كيفية الذهاب الى العاصمة على مدار سنة كاملة..كان للطفل عم لأبيه ليس بالشقيق يعيش في العاصمة,فقرر الأب أن يعيش ولده عند عمه خلال السنة الدراسية ثم يعود إلى قريته,وهذا طبعا بعد ترحيب العم بذلك.
مع انتهاء السنة الدراسية,وحصول الطلاب وأولهم الطفل الذي حصل على "الدكتوراة في الأمية",اخذ والده أوراقه وتوجه بها مع الطفل إلى العاصمة..انبهر الطفل بحياة المدينة التي لم يعهدها,فهي كانت أكثر صخبا وازدحاما من قريته.
بعد انتهاء التسجيل في المدرسة,عاد الطفل مع أبيه إلى قريته بعد ان تناولا طعام الغداء في بيت عمه ..لاحظ الطفل امتعاضا من زوجة عمه – هو يعلم أنها كريهة – ومع ذلك قرر الصبر عليها..
كانت ترمقه بنظرات غير مريحة.
بدا الطفل يصف لأصدقائه حياة العاصمة وكيف انه تعرف على الكثير من الأماكن كن هناك,وأكثر ما كان يذهله انه تعرف أخيرا "ههههه" على (الهامبورجر والزنجر والشاورما )الغير معهودة بالنسبة له في قريته..قضى معظم جلسته مع أقرانه في الحديث عنها.
بدا العام الدراسي الجديد,وانتقل الطفل إلى الصف الثاني في مدرسته الجديدة..
الحصة الأولى...
دخل مدرس يلبس بدلة رسمية ورائحة عطره عمت المكان,عندها تذكر الطفل ذلك البغيض البدين في مدرسته في القرية,واخذ يقارن بينهما..
كان الفرق بينهما جليا..فالمدرسة في العاصمة تحظى بعناية إدارة التعليم وكل من فيها مراقب من خلال مشرف مقيم..الله اكبر,لماذا الاهتمام بمدارس العاصمة؟أم أن مدارس القرى المتهالكة وطلاب القرى هم اقل حظا أم هم من عالم آخر!!
عرف المدرس عن نفسه:يا أبنائي,أنا الأستاذ نبيل مربي صفكم,أتمنى على الله ان يوفقني ويوفقكم لإتمام منهجكم,وأريد منكم الجد والاجتهاد..فرق كبير بين مقدمة هذا الأستاذ ومقدمة الآخر غي القرية..
طلب من كل طالب أن يعرف عن نفسه,كان يقترب من كل طالب ويربت على رأسه ويقول أحسنت ..
الحصة الأولى,كانت مبهجة لذلك الطفل,وتبشر بالخير- الانطباع الاول يبقى في الذاكرة –وعندما وصل الدور عند ذلك الطفل للتعريف عن نفسه, امتعض المدرس قليلا لكنه أسرها في نفسه وقال:هل قدمت من القرية؟
الطفل:نعم يا أستاذي؟
المدرس:ولماذا تحملت العناء لتأتي إلى هنا؟!
الطفل:أريد أن أتعلم,سنة كاملة هناك ولا اعرف الحروف ولا الأرقام!
المدرس:وكيف هذا؟!الم تدرسوا شيئا؟!
الطفل :لا,كنا نذهب إلى المدرسة فقط للاستجمام(هههههه)
المدرس:عتما تبدأ الفسحة تعال إلى مكتبي ,أريد أن افهم منك أكثر,وقد أقدم لك بعض النصائح!!
عند بدء الفسحة,ذهب الطفل الى مكتب المدرس الذي رحب به وقابله بابتسامة حانية..
المدرس:ما اسمك كاملا؟
الطفل:فلان بن فلان
المدرس:أرى فيك الجدية في طلب العلم,لكني أريد منك أن تتبع إرشاداتي
الطفل:حاضر يا أستاذ
المدرس:أريد منك أن تبقي علاقتك بزملائك علاقة رسمية,ضمن إطار التعليم..
الطفل: حاضر
المدرس:كن ودودا مع الطلاب,وتمتع بالخلق الحسن"فحسن الخلق سبب لصلاح المجتمع وسعادته وهو من أهم عوامل قوة الأمة ورفعتها"
هؤلاء الطلاب من طبقة راقية وغنية في المجتمع,منهم ابن فلان وآخر ابن علان..وأريدك ان تثبت للجميع ان الريفي ابن القرية قد يكون أفضل من أصحاب الطبقة الراقية كما يدعون..فمعظمهم من القرى لكنهم تنكروا لها,وسأتولى مساعدتك على التفوق..
الطفل:أعدك كان ابذل قصارى جهدي
كانت الفرحة تملا الدنيا في نفس ذلك الطفل,فهي بداية مبشرة بسنة دراسية رائعة..
في بيت عمه..
"هنالك بعض الأماكن تتذكرها وتشتم بها رائحة ماضيك, وكأنها تعيد الزمن إليك بطقوسه, ساعاته, ذكرياته"
انتقلت معاناة الطفل من مدرسة القرية إلى معاناته مع زوجة عمه
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير