الفارق بين الفنان والمشتغل بالفن 1 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الفارق بين الفنان والمشتغل بالفن 1

نشر بجريدة مسرحنا 2016

  نشر في 05 يناير 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

لعل بعضا من أزمتنا الراهنة في مجال الفن عموما والمسرح خاصة . أننا لم نعد نفرق كثيرا بين الفنان والمشتغل بالفن . بل أن هذه الصفة ( الفنان ) قد امتهنت كثيرا لدرجة أننا وجدنا سائقي التوك توك ينادون بعضهم بعضا بهذه الصفة . ولم لا ؟ّ! وقد امتهنت هذه الصفة بين القائمين على بعض أمور الفن وأصبح الكل فنانا حتى لو كان يشغل وظيفة إدارية بجهة ما ؛ من واجباتها إنتاج أو رعاية الأعمال الفنية المختلفة .

الفنان في اعتقادي هو من يقترن بصفة الإبداع أساسا , أي الإتيان بشيء لم يسبقه إليه آخر , بعبارة أخرى هو المجدد في النوع أو الصنف الفني الذي يتناوله . ويكون التجديد عادة على كل المستويات .

وللأسف الشديد عادة لا يتمتع الفنان في حياته بالمزايا التي يتمتع بها المشتغل بالفن ، علاوة على أخذ صفة لا يستحقها بالأساس .

لأن الفنان الذي يبدع . هو من يقوم بالوقوف أمام ذائقة المجتمع التي شاخت أو صابها العوار أو القدم . ويقدم إبداعا بالضرورة يستوجب ذائقة جديدة أو أساليب جديدة في التلقي . لذا عادة لا يكون هذا الجديد مستساغا من قبل كل الجمهور ؛ بل ومن المشتغلين بالفن أنفسهم ؛ وعادة نجد أن هذا الميدع المجدد مايحارب من قبل المشتغلين بالفن قبل أن يحاربه الجمهور . لأنه في معظم الأحيان ؛ أعماله لا تصل للجمهور أساسا حتى يقف ضدها أو يأخذ جانبا منها .

وعادة هذا الفنان كما قلنا لا يقدر سوى من قلة . تشترك معه في الصفة أي فنانين مثله حتى وان كانوا يتعامون مع أنواع أخرى من الفن ، أو بعضا من المثقفين/ المتلقين الذين ضاقوا بكمل ماهو مجرب من قبل ويبحثون عن جديد يجاور الحالة المجتمعية والتاريخية الراهنة . بل ويقدر أن يستشرف بعضا من تشوفات لما هو قادم ؛ وبعضا من فنانين داخل النوع الذي يمارسه ؛ اضطرتهم ظروف الحياة ان يحولوا مكانهم من فنانين لمشتغلين بالفن . وقبلا هم يتمتعون بصفات نفسية وشخصية لا تتوافر عادة لكل الفنانين . الذين عادة يقدورن أنفسهم وفنهم الغير مرحب به وقتيا ؛ ولا يقبلون تغيير الأماكن

أما المشتغل بالفن فهو الذي لا يجد مقاومة من المشتغلين أو المهتمين بالعملية الفنية . لأنه بعمل داخل إطار جرب من قبل واستحسنه الجمهور . ووضع النقاد له الأطر التي يتعاملون معه بها .

ولكن يجب أيضا أن نعرف أن المشتغلين بالفن ليسوا على درجة واحدة . فهناك هذا المشتغل بالفن الذي لا عني عنه في تقدم العملية الفنية ، ذلك الذي يتفهم ويعي الأسباب التي أدت بالمبدع . أن يخرج فنه . ويقدر الظروف الاجتماعية ةالتاريخية المواكبة , ومن ثم فهو عندما يقدم على إعادة تقديم الابداع ، فهو يضع في حسبانه ظروف متلقيه أو مجتمعه في المقام الأول ومايراد من هذا التقديم أو إعادة التقديم بمعنى أدق.

نعم إن عملية إعادة انتاج الإبداع ليست إبداعا . ولكن عملية أعادة الانتاج هذه لو تمت بوعي وبتصرف طبقا لما يراد من العمل والتوجه العام ، علاوة على بعث شيئ من الجودة أو الإدهاش في كل عملية إعادة تقديم . هذه العملية لازمة لشيوع الفن ذاته , فوراء كل فنان أو مبدع مجموعة من المشتغلين الجيدين بالفن أمنوا بهذا الابداع ووجدوا أنه الأقدر على التعبير عنهم وعن مجتمعم في خلال ظرف ما في زمن ما . هؤلاء هم من يقدمون عملية الديمومة للعمل الفني او المدرسة الفنية ، من خلال إعادة التفسير ووضع الرؤية المناسبة . لكي يقدم الإبداع السابق في الزمن الراهن . بل ويمكنك بكل سهولة أن تقول أن صاحب الرؤية ومالك التفسير المغاير يقترب جدا أن لم يتماس مع عملية الابداع ذاته . ولكنه هنا يكون إبداعا على إبداع سابق . وسنجد أنهم قلة . وستجد أيضا أنهم لا يعملون ولا يقدمون بشكل متواتر . وأنتما عملية التواتر في العمل تكون للمشتغلين بالفن داخل الاطار العام للإبداع الأول وداخل الإطار المحدد سلفا من العملية النقدية . التي تكون في حقيقتها لاحقة على الابداع.

وهذا شيء طبيعي. فعملية الإبداع نفسها تستلزم وقتا . والوقت هنا بمعنى أن تمر فترة زمنية كافية سواء قصرت أو طالت . يرى بعدها المبدع الفنان أنه يزم أن يكون هناك جديدا يلازم هذا التغير ؛ هذا على مستوى الابداع . اما على مستوى وجهة النظر التي يراها المبدع في العالم والظروف التي تحيط به . فهو يقولها في عمله جامعة شاملة ؛ ومن ثم تستلزم وقتا لكي تتغير هذه الظروف ؛ حتى يكون له موقفا جديدا .

تعرف أن الموضوع متشعب خاصة من الناحية التطبيقية والتدليل على ما أسلفناه . ولكننا سنحاول أن نقتصر الأمر على المشروع المسرحي الذي كان من المفترض أن يغير وجه مصر الحضاري . ألا وهو مسرح الثقافة الجماهيرية .

وطبيعي ان هذا المسرح في بدايته اعتمد على بعض الفنانين وبعض المشتغلين بالفن من الفئءة الأولى . تلك الفئة التي تملك التفسير ووجهة النظر المغايرة, ولكن بمرور الزمن تحول هذا المسرح لشيء لا يمكن أن تصفه . فهو لم يعد يحمل هوية . ولا يملك فلسفة أو مشروعا . ويحاول القاءئمون عليه بشتى أنواع السبل ابعاد الفنانين . وترك الساحة للمشتغلين بالفن ولكن من المستويين الثاني والثالث . أي الذي يعتمد على إعادة انتاج الإبداع/ التقليد بطريقة جيدة – وهم قلة-, والمقلد بطريقة رديئة .

فلو كان الدكتور حسن عطية في الندوة التي أقامتها جريدة مسرحنا عن نجيب محفوظ قال: أن ثمانين بالمئة من النصوص التي تقدمها الثقافة الجماهيرية رديء وغير صالح . نتيجة لجان القراءة.

فالحديث مر مرور الكرام . وطبعا هذه اللجان لم تمرر تلك النصوص الرديئة بالمجاملة في المطلق. ولكن تلك اللجان التي يغلب علي أعضائها صفة الأكاديمية ويدرسون باكليات والمعاهد التي تهتم بالدراما. أغلبهم في الأساس مشتغلون بالدراما . وهم يعرفون الدراما كما درسوا ويدرسون حاليا . وبالتالي أي نص تنطبق عليه شروط مادرسوه بعيدا عن فحواه وضروورته وملائمته . هو مسرح ونص ملائم . وهو في الحقيقة عكس ذلك. كيف يمكن لكاتب مسرحي أن يتحول لماكينة انتاج نصوص . ويكتب اكثر من نص في العام؟

الإجابة بكل بساطة أنه يشتغل بالكتابة المسرحية وليس كاتبا مسرحيا حقيقيا ، فقد بيننا فيما سبق أنه لا بد من مرور فترة يتغير بها الواقع او االظرف حتى يكون هناك نصا جديدا عاما,ونعترف ان بعض الكتابات جيدة . مع وجود بعض الاستثناءات التي بالضرورة تؤكد القاعدة.

كما أن تلك اللجان ترفض الكثير من النصوص الجيدة . ولكنها رغم جودتها خارج نطاق مايعرفه بعض أعضاء اللجنة عن المسرح .. ونتحدى ان يكون هناك أمرا باستعراض النصوص التي قبلت او رفضت في خلال خمسة أعوام مثلا . ومناقشتها مناقشة موضوعية .

ولكن الموضوع هنا ليس في رداءة تلك النصوص . ولكن فيمن يبحث عنها ويقدمها . لأن تلك النصوص تتفق مع اطاره المرجعي الضيق , وماعرفه عن المسرح . حتى هذه النصوص المجازية لا يقربها البعض إلا بعد أن يشاهدها من تقديم آخر . نعم الغالبية لا تقدم نصا مسرحيا يقدمونه هم لأول مرة . فهم لا يتمتعون بصفة المشتغل الأول بالفن أي من يحاول ان يفسر ويكون له وجهة نظر , وكن وجهة نظرهم تأتي مجلوبة من آخر ويقومون فقط بإجراء بعض التغييرات هنا أو هناك . ونظرة على خطة هذا المسرح كل عام لتدرك هذا جيدا . وهذا الأمر يتم حتى في النصوص المترجمة. كما أنك ستجد الكثير من النصوص المعدة عن أعمل \درامية معينة التصوص المقتبسة من كتاب عالميين . والتعداد هنا يكون في اختلاف اسم المعد أو المقتبس مجازا عن المعد او المقتبس الآخر . وليس طبقا لاختلاف وجهات نظر في النص المعد أو المقتيس.

ناهيك عن العملية النقدية المصاحبة التي تطورت أليتها كثيرا للخلف عما سبق . فلان تقريبا أصبح من حق كل من يمر امام ادارة المسرح ان يكون عضوا بهيئاتها النقدية من جانب . ومن جانب آخر الاعتماد في بعض الأحيان على بعض المشتغلين بالفن من ذوي الأسماء والمناصب التي لم يضبظ أحدهم مرة واحدة متلبسا بمشاهدة عرضا مسرحيا من تلقاء ذاته.

نعم الحديث شائك ومتشعب . ولكن لو نظرنا في حقيقة الأمر سنجد أن هذا المسرح فقد بريقه عندما لم يفرق القئمون عليه بين الفنان وبين المشتغل بالفن . ثم بعد هذا لم يفرق بين المشتغلين بالفن أنفسهم ، من منهم صاحب رؤية أو مفسرا لما بين يديه . ومن منهم زائف ويحاول فقط ان يقدم صورة مبهرة . أو يعيد التقديم لما مر عليه من قبل . ساعده على ذلك الخلط الذي تم في العملية القيمية لهذا المسرح . دون أن يكون هناك التفات بما يشغل الفنان او المشتغل الأول بالفن . ألا هو التعبير عن وجهة نظر في الحياة بكل مفرداتها دون اغفال الظرف الاجتماعي.

ربما نستكمل الحديث عن هذا الموضوع ( الفارق بين الفنان والمشتغل بالفن) ونستعرض كافة عناصر العملية المسرحية بمسرح الثقافة الجماهيرية ثم مسرح الدولة والهواة والجامعات .. لنعرف كيف ان الفنانين يكثرون في مسرح الهواة . ثم يتحولون بعد ذلك عندمنا يصبح الأمر أكل عيش


  • 1

   نشر في 05 يناير 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

جميل جميل جدا وتطوير عميق لفكرة اتفريق بين الفنان الحقيقي والحرفي (المشتغل بالفن)..كل التحية
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا