المجتمع العلماني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المجتمع العلماني

  نشر في 07 يناير 2021 .

لطالما تم تعريف العلمانية بأنها "فصل الدين عن الدولة" أو "فصل الدين عن السياسة".. لكن المدقق في مفهوم العلمانية من ناحية المضمون الفلسفي

لهذا المصطلح سيجد تبسيطا شديدا ومخلا وخلطا بين المفاهيم والمصطلحات كالمدنية والمواطنة وغيرها من المصطلحات التي تنطوي تحت مفهوم الدولة الوطنية أو الدولة المدنية بشكل عام والتي تعني إجمالا المساواة أمام القانون 

في الحقوق والواجبات بين جميع أفراد الشعب بغض النظر عن العقيدة أو النوع أو الجنس أو الطبقة الإجتماعية والدرجة العلمية. 

والحقيقة أن فصل الدين عن السياسية أو الشأن العام ليس فصلا بالمعنى الحرفي والمتصور للكلمة، ولكنه تمايزا كما ذكر المفكر والفيلسوف الكبير عبد الوهاب المسيري رحمه الله، وهذا التمايز طبيعي وبديهي وخاصة في ظل المجتمعات البشرية المعاصرة والتي يغلب عليها التعقيد والتركيب الشديدين والذي أدى بدوره إلى ضرورة التمايز بين المؤسسات والمجالات المختلفة الدينية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية.. ولنا في التراث الإسلامي وعصر النبوة دلائل واضحة على هذا التمايز نذكر منها على سبيل المثال أن الحباب بن المنذر بن الجموح  في غزوة بدر قال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ، ولا نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة.. في هذا الموقف دليل على التمايز بين المؤسسة العسكرية والشئون العسكرية والحربية وبين الوحي والدين.. ولنا في قول النبي صلى الله عليه عندما مر بقوم يلقحون النخل، فقال:"لو لم تفعلوا لصلح" قال: فخرج شيصا – أي رديئا -، فمر بهم فقال:"ما لنخلكم؟" قالوا: قلت كذا وكذا، قال:"أنتم أعلم بأمر دنياكم".. وهذا مثال آخر على الفصل والتمايز بين الأمور الزراعية وبين أمور الوحي، بشرط وجود مصدر وإطار مرجعي ديني وإنساني وأخلاقي في شتى أمور الحياة العامة والخاصة. 

ومن هذا المنطلق فنحن لسنا بصدد الحديث والنقد لعملية تمايز طبيعية وتزداد  مع زيادة تركيبة المجتمعات وتطورها ولكننا نتحدث عن فلسفة العلمانية والمضمون الحقيقي لها و هو أن المادة هي كل شئ ولا مجال للروح الإنسانية والأذواق الشخصية والأحكام الدينية والأخلاقية والقيم المطلقة والمتجاوزة.. وبالتالي فكل شئ نسبي حتى الأخلاق.. ويتجسد لنا كل ذلك بشكل لا واعي في كافة جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها. 

ويسوق لنا لفظ العلمنة أو مضمونها في الفاظ أخرى مثل التغريب والأمركة (أي جعل نمط الحياة السائد هو النمط الأمريكي وسيادة الأخلاق الأمريكية المتمثلة في أخلاق الربح ومنطق القوة والذكاء والبقاء للأقوى والأذكى وسحق الضعفاء فضلا عن سيادة النمط الاستهلاكي والسلعي). 


المرجع 

- دكتور عبد الوهاب المسيري، كتاب العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة. 







   نشر في 07 يناير 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا