بعد حمل عسير ، سخط وغضب، اضطراب وضياع؛ يحين المخاض، حيث الألم الشديد، دون جذع النخلة والرطب الجني، دون دعاء مريم لكن بخوفها....
المولود "صُوَريَّا" سيخلق في عالمنا على شكل "انسي"، كي تألفه الأرواح ولا تحاربه، كي تحتويه ولا تفكر في ارساله بعيدا ونفيه الى عالمه كما اعتادت ان تفعل ...
يشق الصدر وتظهر من بين الضلوع يدان نحيفتان، محاطتان بسائل شديد اللزوجة، طول الذراعين يشير أن المولود بالغ...
نعم فالأفكار تولد ناضجة، فبعضها استغرق حمله سنينا ثقالا طوالا ومَراراً
تدفع اليدان الضلوع المقصوصة ببطء وقوة، يظهر الشعر الأسود المنسدل على العينين المغمضتين اللتان لا يبدو انهما تحبان ضوء هذا العالم، يندفع الرأس الى الأمام فيلحقه الجسد... ومثلما ولدت أثينا من رأس زيوس بكامل قوتها ولباسها، تولد الفكرة من ضلوعك...
الأفكار لا تولد من الرأس كما يظن الكثيرون، فهي لم تخلق لتكون آلهةللحرب، انها تولد من بين الضلوع لتضمد الجراح، تضم المحرومين، تمسح الحزن، تمطر الحب، وتنجب السعادة...
الأفكار ليست عقيمة كما ترى!
وكما هي كل ولادة ترك الوالد ممدا غارقا في العرق ولزوجة السائل، بصدر مشقوق، ألم وهلع، الى أن انحت الفكرة وبسطت يدها على الشق فالتئم، ثم سارت نحو النافذة فتحتها، صعدت الى حافتها وألقت نفسها؛ لم يكن ذلك لتموت بل لتقترن بذرات الهواء، وتتكاثر داخل ضلوع متنفسيه!