المقال على الفيسبوك : الشغل النظيف بدو وقت !

- في عصر الجاهلية - كان يكتب القصيدة في شهر ويهذّبها في سنة فتخرج آخر الحول معلّقة على الكعبة؛ سمّي شاعر "الحوليات"؛ وهو صاحب إحدى المعلقات، وهو أشعر الشعراء عند عمر، وأشعر شعراء الجاهلية الثلاثة: (امرئ القيس والذبياني وهو ) إنه (زهير بن أبي سلمى) أبو الشاعر (كعب) صاحب البردة "بانت سعاد" !

وآخر - في عصر التدوين - مكث 16 سنة ينتقي من كتبه الكثيرة في الحديث ليخرج كتابا صحيحا، انتقاها من 600 ألف حديث!! وكان يصلي ركعتين يستخير الله في كل حديث يضعه في كتابه ، إنه البخاري (محمد بن إسماعيل) ، كان يقول: وجعلتُه - أي الكتاب- حجة بيني وبين الله تعالى!

وآخر - القرن الماضي- كان يقرأ 16 ساعة يوميا، وكان إذا أراد أن يكتب المقال أداره بعقله أياما، ثم يكتب المقالة في يوم كامل وينقّحها من اليوم الثاني؛ ويعيد المقالة مرارًا بصورة أخرى، وهكذا حتى اكتسب الأسلوب البين والعبارة الرصينة، حتى يقول عن بعض كتبه (إنها متلفةُ أعصابي) لأنها تتعبُ فكره وتسهره ، حتى أصبح إمام البيان في زمانه، إنه (مصطفى الرافعيّ) ؛ عرفتُ سبب نبوغه بعد أن قرأتُ قوله لصاحبه : (إن من عادتي متى بدأتُ عملًا أن أكتمَه حتى أقارِبَ الفراغَ منه) ، ينتظر أعماله تتكلم عنه، بدلًا من أن يتكلم هو عنها!

وآخر - في زماننا- مكث أربع سنوات مع فريقه يسعون لاكتشاف مرض جينيّ لاحظوه عند الأطفال ، ومع البحث والمصابرة، والدراسة والمثابرة، توصّلوا إلى متلازمة "الرقّاد" ، Al-raqad Syndrome!!

إنه معلمنا ودكتورنا العقيد الطبيب الأردنيّ "محمّد الرقاد" !

= كثيرون المشهورون قديمًا وحديثا في كل زمان، فإذا ماتوا ماتتْ معهم شهرتهم ، ومات تأثّر الناس بهم ، وذكرَهم التاريخ اسمًا ورسْمًا فقط .. وهذه كتب التاريخ مليئة بالأسماء !

أما الحقيقون بالإجلال والإكبار فها هم هناك مغمورون يعملون بالخفاء وربما بالشهرة المتواضعة .. لم ينسَهم التاريخ ولن ، لأنهم سيبدّلونه، ويؤثرون فيه، وتكون شهرتُهم -إنْ في حياتِهم - وبعد مماتهم لآمادٍ طويلةٍ؛ لأنهم تركوا -إثرَهم- إرثًا يستحقّ الأخذ منه لا ينسى .. ويكفيهم فخرا أن الله لا ينساهم ..

== كم يحزنك من تراه يكتب أكثر مما لديه متطلّبا الإعجابات، أن تراه يثير الجدل مستميتا على المشاركات، من تراها تنشر صورها ابتغاء زيادة المتابعات ، من يستغل كل حدثٍ ليجمع حول نفسه المريدين والمريدات، ثم هو لا يقدّم شيئًا حقيقيّا لا لأمته ولا لنفسه ..

== صدّقني .. أن العمل الصادق الذي تتعنى له .. وتتأنّى فيه .. سيكون أثره كبيرا .. وانتشاره كثيرا .. وثقله عظيمًا .. إلم يكن - قدَرًا - عند الناس .. فعند رب الناس .. وهذه سنن الحياة ..

يا نفسي ويا أخي ويا أختي .. إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يُتقِنَه ..

لا تُحصَدُ الأرضُ التي لا تُزرعُ .. !

‫#‏الشغل_النظيف_يريد_وقتا‬