اعتادت كاميليا ذات الثلاثة عشر ربيعا والتي تحلم ان تصبح طبيبة في المستقبل أن تستيقظ كل صباح لتحضير وجبة الإفطار بنفسها وبعد ذالك تقوم بحمل حقيبتها التي تكاد أن تكون تكبرها حجما لتنتظر الحافلة التي تقلها الي المدرسة وعند وصول الحافلة تجلس في المقعد القريب من النافذة لكي تتمكن من إشباع غريزتها بالنظر إلى الأشجار والناس على جانبي الطريق
اما في ايام العطلة يأخذها اباها والذي أصبح منذ وفات والدتها قليل الكلام ترتسم على وجهه بعض علامات الكبر في السن والذي اعتاد على إجابة اغلب اسالتها بالقول "لا أعلم يا صغيرتي ... ربما يجب عليكي أن تكتشفي ذالك بنفسك " أن يصحبها الي المرفئ القريب لصيد الأسماك والاستمتاع بمنظر البحر الخلاب
وفي المساء تقوم كاميليا بمشاهدة التلفاز الي أن تنام بقربه فيقوم والدها بحملها الي سريرها أو عندما يشعر بالتعب بعد يوم عمل شاق يقوم بتغطيتها قبل أن يرسم قبلة دافئة على خدها
وفي إحدى الايام وبينما كانت جالسة على مقعدها في المدرسة والمعلمة منهكة بشرح إنجازات ابن رشد دخلت مديرة المدرسة وطلبت من التلاميذ أن يقوموا بقرائة الكتاب ريثما تتحدث الي المعلمة
وبعد عشرة دقائق عادت المعلمة وقالت للتلاميذ : عليكم أن تعودوا الي بيوتكم فإن الحرب قادمة .
بدا التدافع للخروج كما اعتادو أن يفعلوا كلما سمحت لهم المعلمة بالانصراف
اما كاميليا فذهبت الي معلمتها وسالتها ما الحرب !
لم تجب المعلمة بل اصرت عليها أن تذهب في الحال
وعند عودتها الي المنزل كان اباها هناك عائدا مبكرا من عملة على غير العادة
فسألته ما الحرب يا ابي
فأجابها: لا اعرف ولا احد يعرف لكن عليكي من الان أن تعتني بنفسك فإنني ذاهب الي الحرب معهم .
فأجابته قائلة: انت دائما لا تعرف شيئا وذهبت مسرعة الي غرفتها تبكي
مرت الايام وما زالت الحرب مستمرة
اما كاميليا فكانت تذهب مع زميلاتها في المدرسة الي المشفى المتواجد في وسط المدينة لمساعدة الجرحى
الي أن جاء ذاك اليوم الذي فاجأها إحدى المصابين الذي كان معصوب العينين بعد أن إنفجرت إحدى القنابل بالقرب منه " لقد اصبحتي كبيرة يا صغيرتي "
تجمدت كاميليا ولم تستطع أن تجيب
فقال المصاب مره ثانية: انا اسف يا عزيزتي لاني لم أستطع أن اجيب على سؤالك
لا أحد يعلم معنى الحرب إلا الذي يعيشها
التعليقات
بداية موفقة , في إنتظار كتاباتك القادمة .
أحرفك تضم الوجع والقهر ، لقد تألمت حين لم تعرف كاميليا أن والدها هو المصاب . قصة قصيرة رائعة تحكي واقعا لا يحكى ،،
بداية موفقة واهلا بك صديقا و كاتبا على المنصة :)
سنكون بإنتظار المزيد من كتاباتك الرائعة .