لم أقصد بالعرب المستغربة أولئك العرب المنحدرين من نسل إسماعيل لذلك فالنقطة لم تسقط سهواً ، ولست أقصد بذلك العرب أصحاب التوجه الغربي فتبقى النقطة عمداً! ولا يظن البعض أنني أقصد العرب المغتربين الراكب منهم خطر البحار والطائر منهم في السماء والمختبيء منهم في شاحنة قمامة فراراً من الموت! ولكن المقصود هنا هم العرب الذين ينظرون إلى صراعات قومهم العرب بإستغراب ، تلك الصراعات التي تلتجيء إلى مبدأ في مكان وتناقضه في مكانٍ آخر ، تلك الأحداث المؤسفة التي سالت بها دماء العرب فوق أرضهم وسالت لدعمها أموالهم خارج أرضهم!
لقد ضاعت العرب المستغربة بين مشاهد القتل التي تبدأ بالله أكبر وتنتهي أما بكلمة أرتقى الشهيد أو إلى جهنم وبئس المصير ! لتعيد لنا مشهداً من مشاهد العصور الوسطى مع فارق كبير وهو أن مهمة توزيع قوائم الجنة كانت من إختصاص القساوسة أما في صراعات العرب " المعاصر أوسطية" فإن مهمة توزيع قوائم الجنة والنار أضحت من إختصاص الصعاليك والمرتزقة !
والعرب المستغربة هم عامة الناس الأسوياء الذين يريدون الحياة الآمنة، المستقرة الكريمة ، الذين يريدون أن يعيشوا أحراراً طبيعيين لامؤلجين ولا مدبلجين ولا مهجنين ولا مغضوب عليهم ولا ضآلين . ولكن هذا الصنف من الناس أصبح لايفهم كثيراً ممايدور حوله، فهناك يقوم ثورةٌ يعارضها جزء من العرب وهذا المعارض يؤيد ثورةً في مكان آخر! وهنا تقوم ثورةً مضادة على ثورة قبلها وكلتا الثورتان لم تات أوكلها بل أكلت كل ما أتت عليه! ومما يزيد إستغراب العرب المستغربة أن مدناً عربية كاملة تُدمر لتكون طريقاً لإسقاط تل أبيب!
وفي مكان ما " يتهاوش " العرب ويأتي عتاولة الروم يذكون الهوشة بأطماعهم المزمنة، فاليوم تصريحهم مع هذا وغداً مع ذاك، كل هذا والعرب المستغربة تفرك أعينها لتستبصر الأحداث ولكن الشاشة اللعينة لاتستقر على مشهد، لذلك قإنهم ضائعون بين الإعلام الحنجوري الذي يقول أن طريق سقوط تل أبيب يبدأ من حلب ! وبين الإعلام الحنجوري الآخر الذي يقول أن سقوط طهران يبدأ من الدوحة!
وفي هذه الدوخة لا تل أبيب سقطت، ولا طهران سقطت ولكن الذين سقطوا وتساقطوا هم العرب حين تحولت طهران ومعها تل أبيب إلى راقصات على رؤوسهن تُنثر الملاين ليجمعها صاحب المسرح الكبير المسمى بحاكم البيت الأبيض وأعوانه من الروم حين نظروا إلى ثرواتنا وعرف كل قوم - منهم - مشربهم، وغبنا عن وعينا وأكل كل قومٍ - منا - مقلبهم!
اللهم كن للعرب المستغربة ولا تكن عليهم .
نواف بن جارالله .
التعليقات
بوركت مقال أكثر من رائع .