يعتبر نيكولاس كيدج احد أهم نجوم السينما الامريكية , والذي استطاع ان يبني نجوميته ونجاحه علي إمتداد خمسة وثلاثين عاما الي الآن .
قرر نيكولاس كيم كوبولا الاعتماد علي موهبته ليتحدي ذاته مرتقيا بأداؤه مطورا له بعد ما واجهه من آراء سلبية من قبل النقاد في بداياته لقرابته من المخرج الاشهر فرانسيس فورد كوبولا وعمله معه في احد الافلام ليغير اسمه الي كيدج نسبة الي إحدي شخصيات القصص المصورة التي يحبها جدا , ليؤدي العديد من الشخصيات محاولا تنويع اداؤه متعاوناً مع كبار المخرجين , كالاخوين كوين , مارتن سكورسيزي , ديفيد لينش , الان باركر , اوليفر ستون . متمكنا من حصد اوسكار افضل ممثل عن فيلم Leaving las vegas في عام 1995 .
واذا نظرنا في مسيرة نيكولاس كيدج الفنية نجد ان فكرة البعد الميتافيزيقي حاضرة في افلامه متناولا فيها تلك الجوانب الروحية والنفسية , وما يرتبط بالغريب وغير المألوف من الظواهر متجاوزا البعد الواقعي والفيزيائي الي بعد أكثر عمقا بحث فيه في افكار ومعان الإيمان والقدر , النهاية , الاختيار , اللامتناهي .
يتبدي هذا الجانب الميتافيزيقي في مجموعة افلام منها , علي الترتيب الزمني
city of angels
ghost rider
kowning
spirit of vengeance- : ghost rider
left behind
city of angels 1998
نجد ان هذا الفيلم يحمل بعدا وطابعا فلسفيا ما ورائياً ، بتناوله فكره " الأبدية والخلود" علي نحو درامي . تتداعي الأسئلة العديدة في الذهن لدي تلقي هذا الفيلم . الحياة الأبدية لدي الملائكة ، عرضها الفيلم باهته بلا ألوان ، حياة بلا أحساس . نري ملاكاً يحيا هذه الحياة ، شغوفاً تواقاً إلي الوصول للشعور البشري ، بعواطفه ، مذاقه وألمه ، حيث يتحول إلي إنسان ، إلي بشر بإرادته واختياره.يشعر الملاك (سيث) بفضول تجاه حياة البشر ، إلي الانتقال إلي المادية إلي الملموس والمحسوس ، الروح وحدها لا تكفيه ، يريد امتزاج الروح بالجسد.
ربما مثلت الحياة الأبدية لكاتب الفيلم ، أمراً غير جاذباً ، فالحياة الأرضية تنبض بالحياة ، ولعل هذا ما ظهر في المفارقة الواضحة في تصوير مشاهد الحياة في الشوارع وحركة السيارات فوق الجسور والمارة والعمال والصخب وزخم الأصوات المحيطة ، تلك الفكرة المشهدية في حركة الجموع لو جاز أن نسميها في العالم الحقيقي . لتقابلها وتتضاد معها فكرة الهدوء المسيطرة علي مشاهد اجتماع الملائكة علي شاطئ البحر ، والألوان الباهتة المحايدة ، ملابسهم السوداء ، والترانيم المصاحبة ، كل هذا يخلق حالة أقرب للموات والفناء.
ربما يريد الفيلم أن يعبر عن مدي حيوية العالم علي الأرض ، حتى لو تألمنا فيه ، ونزفنا الدماء ، وسقطنا كما سقط (سيث) إلا أنها أفضل بكثير من حياة سماوية فاترة ليس فيها هذه الأحاسيس وهذا الشغف والسعي لمطاردة السعادة والحب نحو ما فعله (سيث) بحثاً عن (ماجي).
وبالطبع نجد أن هذا الطرح قد يعارضه الكثيرون من منظور ديني ، فكيف هذا والأديان تؤكد أن الحياة الأبدية هي الملاذ وهي النعيم والتمتع بكل أشكال الجمال ، هذا لدي العقيدة الإسلامية ، بينما هي لدي المسيحية هي الحياة النقية الطاهرة التي تحيا فيها الأرواح لا الأجساد بتسامٍ ، متجاوزة الحسي والشعوري إلي الروحي والسماوي ، خصوصاً أن هذا يستقيم مع رؤية المسيحية أن الجسد مصدر للخطيئة والإثم ، ليبقي أمام الإنسان أن ينهي حياته الدنيوية متطلعاً للغفران ، ليبدأ حياته الروحية متطهراً. غير أننا لا يسعنا في هذا سوي أن ننظر للفن عموما وللفيلم باعتباره فيلماً ، مجازاً لا حقيقة ،لا يمثل سوي محض خيال لمؤلفه
نجد من المشاهد اللافتة في هذا الشأن ، مشهد ذهاب (سيث) الراغب في التحول لمراقبة الشروق مع ملاك يتوق للشعور بالتسامي الروحي ، بينما لا يستمع (سيث) للترانيم ، يقفز في الماء ، مستمتعاً بالإنسانية رغم ما فيها من فقد للحب وحزن ، حيث ماتت (ماجي) ، لكن الشعور معها بكل ما هو إنساني يغنيه عن الخلود . لتكون هي سبباً له في الحياة ، وهو أجمل ما عرفته في الحياه
فيلمي:Ghost rider 2007 ،spirit of vegene2011 ghost rider
نجد (نيكولاس كيدج) في هذين الفيلمين يتجه لعالمه المحبب عالم القصص المصورة في تجسيده لشخصية Ghost rider .
زاوية أخري للتناول الميتافيزيقي ، يلعب الفيلمين هنا علي شخصية خيالية كارتونية ابتكرت في أحدي مجلات القصص المصورة. (Johny balz) راكب دراجات نارية محترف ، يشارك في البطولات والمسابقات ، ويؤدي أخطر الحركات ، يضحي بنفسه و بروحه من أجل إنقاذ معلمه ، حيث يقدمها للشيطان ، بل يتحول هو نفسه إلي شبح ذو قدرات خارقة ، جمجمة مشتغلة بالنيران ، ودراجة نارية مشتعلة . يبدا في تقديم مساعداته للشيطان في أعماله الشريرة البشعة كحرق الأرواح والنظر في عيني عدوه لإشعاره بمقدار الألم الذي سببه لأياً من الأشخاص يوماً ما في حياته.
ثمة إحالة في هذه القصة إلي أسطورة (فاوست) الألمانية الشهيرة التي تحكي عن (يوهان فاوست) واسع العلم والناجح والمفكر المستاء الذي لم يكن راضياً عن ذاته ، فقام بعقد صفقة مع الشيطان ومنحه نفسه مقابل أن يزوده بمعارف غير محدودة وملذات دنيوية ، وكما هو معروف قيام العديد من الأعمال الفنية علي هذه الأسطورة.
وفكرة عقد الصفقة الفاوستية مع الشيطان أو تسليم الشخص الطموح نفسه ومبادئه الأخلاقية التي يتخلى عنها من أجل تحقيق النفوذ والنجاح والمعرفة ، تكون في مقابل أن يتسيد الشيطان علي عاقد الصفقة ، وانتفاعه منه بتحقيق رغباته الخاصة.
وبدت شخصية الـ Ghost rider ، قادرة علي هزيمة الشيطان ، وقد رسمت الشخصية بملامح الطيبة والشجاعة ، حديثي هنا عن الجزء الثاني من الفيلم ، لتبدو تحاول مساعدة الناس ببطولة. إضافة إلي محاولة إضفاء طابع دعابة وسخرية نحو ما نجده في مشهد (جوني بلايز) مع الممرضة ، ما يمكن استيعابه في ضوء محاولة جذب قطاع ما من الجمهور.
هذا التعاطي الجديد مع الشخصية جاء أيضاً مختلفاً عن الجزء الأول ربما لتقديم بعداً إنسانياً داخلها ، ذلك أن (جوني بلايز) كان يحاول تحذير الناس من روحه الشيطانية بقوله : ( لا يملك هذا الشئ منطقاً ولا ضميراً ، لا يملك سوي جوعاً )