احضرت ذات يوم أوراقي وأقلام الرصاص وشرعت بواحدة من محاوالتي في الرسم ، كانت بداياتي في هذا المجال تقتصر على الرسومات الكارتونية وصور الكاريكاتور على أمل ان ان تتطور مھاراتي مع الأيام والتمارين لانتقل الى مواضيع اكثر تعقيدا. جلست قرابة الساعة أرسم ثم أمحو ، لقد وصل بي الامر الى أن امزق صفحات من محاولاتي ، حتى ست من التمارين وبدأت أشعر بأن الرسم ليس لي ، تركت كل حاجيات الرسم ومحاولاتي الفاشلة مرمية على الطاولة وخرجت من المنزل .
عدت في المساء ، و ما كدت ادخل حتى سمعت وقع خطوات طفلتي الصغيرة تعبر بھو المنزل حافية وبحماس عھدت ان اراه فيھا في كل مرة ترى حدثا او امرا يثيرها .
اقبلت علي ، يبدو انني وجھتھا ، كانت تحمل بين اصابعھا الصغيرة بضعا من اقلامي ، وواحدة من تلك الرسومات التي كنت احاول فيھا عصر ذلك اليوم .
-بابا بابا ، كيف انتا رسّام ھل أد ؟
سألتھا بتفاجؤ جميل :
- ھل أعجبتك حقا ؟
- كتير حلوين
حملني فضولي لالحق بھا الى الفرفة بعد ان عادت اليھا، واذا بھا جالسة خلف الطاولة كما اعتدت ان اجلس انا ، تميل برأسھا نحو الاوراق كما يجلس المحترفون . اقتربت منها فوجدت انھا قد وضعت رسمتي على يسارھا وتناولت قلم رصاص تحاول ان تقلد العمل ، اما على يمينها فكانت قد جمعت ورتبت كل الوراق محاولاتي قبل ان أيأس واتوقف.
عندما حملتھم اقلب فيھم سألتني :
- بابا فيني خليھم معي ، ما بضيعن ولا بكتب علين شي ، بدي جرب ارسم متلك .
كانت تلك الكلمات القليلة كافية لأن تقتل كل ذرة يأس تسربت الي ، وأن تعيدني الى مضمار المحاولة الفا وليس لمرة فقط .
نظرات الاعجاب التي اغدقتني بھا ، جعلتني اشعر بأن لرسوماتي البسيطة روحا يمكن ان تنال استحسان واعجاب احدهم .
أحيانا نحتاج جرعة أمل صغيرة لنكمل أشياء عظيمة ، ولا جرعة أجمل من تلك التي تخبرك بأنك ، بطريقة أو بأخرى ، بطل أحدهم ..
-
ايةلا شأن لما يحيط بك ولا لما ولدت عليه ، أنت حيثُ ترى نفسَك .