الحَيَاة الوُسطى
هل القبر ليس فيه إلا العذاب؟
نشر في 16 يونيو 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بغض النظر عن إنكار فئة للأمر و تصديق الآخرين به لأن ذلك ليس هو موضوعي و هو مسألة أخرى لست في مستوى دراستها. إنه من أعجب العجب أن نسمع من حين لحين و من أفواه كبار المثقفين المشهورين و علماء الدين و الدعاة و الكتّاب كلمة "عذاب القبر" بدل "حياة البرزخ" فنجدهم يقولون مثلا أن "عذاب القبر حق" و "فلان ينكر عذاب القبر" و "أنا لا أصدق بعذاب القبر" و "حقيقة عذاب القبر" عذاب القبر.... عذاب القبر.... عذاب القبر.... عذاب القبر.... ما هذا؟ و هل حياة البرزخ (حياة القبر) عذاب لكل الأرواح و لكل الناس؟ أليس يوجد كذلك نعيم القبر؟ فكيف تعبرون دائما عن حياة البرزخ التي إما أن تكون نعيم أو عذاب للنفس أو الروح حسب حالها و مكانها من الخير و الشر بكلمة "عذاب القبر"؟ أهو بحكم العادة و الاعتياد أو جهل بالمسألة أم هو اصطلاح جديد للحياة بين موت الإنسان و يوم البعث؟ إنني و الله لحائر و مندهش من هذا و آسف له. سبحان الله العليّ القدير!!!.
إن الخلط في التعبير يولّد الخلط في التلقي. قولوا حياة البرزخ (أو حياة القبر) بدل عذاب القبر إلا إذا كان المقصود عذابه وحده، و قولوا حياة البرزخ (أو حياة القبر) بدل نعيم القبر إلا إذا كان المقصود نعيمه وحده، و هذا الخلط الرائج و الملاحظ بين الكلمات و المصطلحات إن لم يضركم أنتم فإنه يغلط و ينال من الجاهلين مثلي لو لا أن الله علمني التمييز بين هذا و ذاك و نبّهني إلى خطورته فلكلّ مصطلح مدلوله واستخداماته و لكل أمر شؤونه و تفصيلاته فالآخرة ليست الجنة و جهنم ليست الآخرة و عذاب القبر ليس حياة البرزخ و حياة البرزخ ليس نعيم القبر و كل كلمة بمدلولها و لنميز بينها في التحدث و الكلام أيها السادة الكرام.
لو قلتم مثلا "أهوال القبر" قاصدين الحياة فيه بعد الدفن لهان الأمر قليلا لإمكانية اشتراك ذلك بين النعيم و العذاب كقولنا أهوال يوم القيامة، و لكن أن تقولوا "عذاب القبر" بمعنى "حياة القبر" التي قد تكون نعيما أيضا فهو اصطلاح خاطئ و ظاهر البطلان و اللبس و أدهى من ذلك و أمرّ حين يصدر من أفواه المتعلمين و العلماء و المثقفين و الدعاة.
و أخيرا من أجل التعليق الجانبي فقط و توضيح جانب من هويتي، أنا - وللّه الحمدُ و المِنّةُ - من الذين يؤمنون بحياة البرزخ أو حياة القبر إما نعيم و إما عذاب مثل الحياة الآخرة إما نعيم في الجنة و إما عذاب في السعير. و نسأل الله الجنة و نعوذ به من النار إنه هو البَرُّ الرَّحيم.