ذميمٌ.. أقرع.. وعائل كان.. كُلّما مرّ على جماعة تعالت ضحكاتهم..و قطّعت سهام الألم فؤاده..
تمنّى في قرارة نفسه الوجه الحسن و الشّعر الحسن و الغنى..
أبرصٌ كان و مُعدم..كانت النّفوس تعافه و القلوب تنفره و النّظرات قبل أن تتفاداه..تُصيبه بلظى تحرق أحشاءه..تمنّى لو جُدّدتْ خلاياه و رُزق الجلد الحسن..و غرق في بحر الثّرى..
ضريرٌ كان و مِملاق،شاكرٌ لأنعم الله و طامع في نور يدمغ هذا الظلام فيُرديه قتيلا..و بثروة تحفظ عليه كرامة نفسه و عزّتها..
أرسل الله مَلكا في صورة رجل و أعطى لكلّ واحد منهم سُؤله..و قال بارك الله لكم فيما رزقكم واشكروه لعلّكم تفلحون..
"الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا."
و دارت رحى الأيام..عاد المَلك في صورة رجل أقرع بائس يمدّ يد الحاجة إلى مَن منّ الله عليه،فردّه خائبا مُتذرّعا بحقوق عليه كثيرة و بمسؤوليات أكثر
قال المَلك :كأنّي أعرفك،ألم تكن أقرعا ذميما مُعوزا مثلي ،فرزقك الله الوجه الحسن و الشّعر الكثيف و الغنى؟
قال:لقد أخطأت في العنوان ،بل ورثته أبا عن جدّ
أجاب الملك:إن كُنتَ كاذبا صيّرك الله إلى ما كُنت عليه..فعاد إلى ذمامته و فقره..
ثُمّ اتّجه إلى الثّاني بوجه أفقده البرص لونه و هو يشكو إليه إحتياجه و قلّة حيلته و غربته عن الدّيار..فنهره و كذّب بأنعم الله..فصار إلى ما كان عليه..
ووصل به المطاف إلى مَنْ منّ الله عليه بالبصر و قال:عابر سبيل و عائل أنا..فهلاّ أعطيتني ممّا أعطاك الله؟
فقال مُرحّبا:لقد كُنتُ كفيفا مثلك فأنار لي ربّي ظلمة عينيّ..و كُنتُ مُعدما فأغدقني من خزائنه..فخذ ما شئت و اترك ما شئت..
قال المَلك:بارك الله لك فيما أعطاك ،فأنا لا أريد شيئا،إنّما أنا ملك بعثني الله و هو يريد إختباركم .. ففُزتَ و سخط على صاحبيك..
"وإذا مسّ الإنسان ضُرّ دعا ربّه مُنيبا إليه ثُمّ إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل" *الزمر*
"إنّ النّعمة موصولة بالشّكر،و الشّكر متعلّق بالمزيد و لن ينقطع المزيد من الله حتّى ينقطع الشّكرمن العبد" *علي بن أبي طالب رضي الله عنه*
أَدمع الأسى يحرق الأجفان ..خير..أم دمع كدموع الورد؟