رجال في الشمس - غسان كنفاني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رجال في الشمس - غسان كنفاني

كيف ساهم التهجير في سحق الفطرة البشرية، قبل أن يُسهم في سحق الحياة المادية المستقرة؟

  نشر في 16 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟

لم يخذل "غسان كنفاني" أبدًا من أراد الغوص في بحار التهجير الفلسطيني، ومعه الكثيرين، بيد أن ما يميزه عنهم أنه معنيٌّ بانعكاسات التهجير على الشخصية الإنسانية، وعلى العلاقات البشرية بين أبناء التجربة من ناحية، وبينهم وبين المتفرجين من ناحية أخرى.

"رجال في الشمس" مطرقة تضرب الرؤوس بأسئلة وجودية تظهر مع إجاباتها – إن كانت لها إجابات – كيف ساهم التهجير في سحق الفطرة البشرية، قبل أن يُسهم في سحق الحياة المادية المستقرة.

أليس حين يشعر المرء بالخطر مُحدق، وبالأجل يدنو أكثر فأكثر؛ فإن فطرته الإنسانية تنزع إلى الحياة؛ فيستغيث، يصرخ؟.. وطالما أنه ميت ميت، فلما لا يقاوم، لا يتشبث بالحياة؟

أليست تلك بديهيات؟..

ما يعتبره البشر جميعًا مُسلمات، كان فيه رأي آخر، رأي مثَّله رجال "غسان كنفاني" الذين في الشمس؛ فهم لم يلجأوا إليها، ولم يقتربوا منها، لم يقاوموا.. على العكس تحجَّرت فطرتهم البشرية إزاءها.

تحجّر الفطرة؛ فمواتها، قاد ثلاثة من الأربعة رجال إلى حتفهم، و"أبو الخيزران" الذي قادهم كان يومًا مغوارًا فقد أعز ما يملكه الرجال فداءً وتضحية، بفقده هذا فقد أيضًا فطرته، وهوى على علم من المثالية إلى الدناءة، ورغم ذلك أصر على القيادة، أصر وهو المهزوم ابتداءً.

أما الثلاثة المُقتادين، "أبو قيس" و"أسعد" و"مروان"، لم يكونوا أحسن حظًا من القائد ببشريتهم؛ فالأول وإن قادهم جثثًا إلى مكب النفايات، ولم يمنحهم حتى شرف الدفن؛ فإن ثلاثتهم عاينوا موتهم يزحف ويقترب، ولم يصرخوا أو يستغيثوا، لم يقاوموا ولم يدافعوا عن بقاءهم.

ما هذا الصمت المُطبق؟! كيف صار قاسمًا مشتركًا بين أربعة "رجال في الشمس"، كيف وهو المعاكس لكل طبيعة بشرية؟!

ببساطة، لأنهم أبناء جِلدة واحدة، تجرعوا نفس الكأس، اكتووا بذات اللهب، وصمتهم هذا على اختلافه مُحصلة "صوت ضاع طويلًا في خيام التشرد".

صوت صار يجهل الفلسطينيون جميعًا، والعرب قبلهم وبعدهم، أنه لازال موجودًا، وأنه إن دوى أسمع، وإن أسمع فعل.. لكنهم حتى "لم يدقوا جدران الخزان".


  • 1

  • ذات الخير
    "الأصل في الكون السكون، والأصل في العلاقات الوحدة". إبراهيم عبدالمجيد.
   نشر في 16 نونبر 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

hiyam damra منذ 2 سنة
مطالعة كتاباتك فيها المتعة والاستغراق العميق بالتحليل والبحث بالدوافع الانسانية الداخلية حين الموت يكون عفيفا بريئا من الانكسار أمام لقمة العيش
0
hiyam damra منذ 2 سنة
مطالعة كتاباتك فيها المتعة والاستغراق العميق بالتحليل والبحث بالدوافع الانسانية الداخلية حين الموت يكون عفيفا بريئا من الانكسار أمام لقمة العيش
1
ذات الخير
تخذلني العبارات أمام رقي فهمك وإجادتك في إشعال الحماس نحو المزيد من الكتابة. بوركتِ وبوركت كلماتك، وأهلًا وسهلًا أخت كريمة وناصح أمين على الدوام.
ولا أطيب من الاستنارة برأيك في أحدث المنشورات، حالًا والله فرغت منها. ولا يُنبئك مثل خبير.
https://www.makalcloud.com/post/vrbdmg383
في انتظار تقييمكم الكريم، وكلي شغف لسماع نصحكم وإرشادكم.. تحياتي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا