كتب: مهاب أسامه
دائماً كنا نسمع في خطب الجمعة عبارة "أحبب من شئت فإنك مفارقه" عندما كنت صغيراً لم أكن أفهم معناها وكبرت قليلاً وسمعتها مجدداً ولم ألقي بالاً لمعناها أصبحت شاباً عشرينياً وفهمت عمق المعنى و أن الحب فطرة في قلوب البشر و المودة صفةٌ في قلوب الأنقياء و البهجة حياة والبسمة روح في قلوب الطيبين، تعملت أن أكثر الحكماء هم الخطائون وأكثر المسامحون هم الأقوياء و أن القلوب ليست بيد أصحابها بل هي بيد الله يقلبها كيف يشاء اليوم أنت القريب الحبيب وغدا أنت البعيد الغريب لكن الخير والذكرى الطيبة باقيةُ أبد الدهر.
"يومان" أخر ما تبقى لي أنا و أصدقائي داخل أسوار جامعتنا أوشك القطار على الوصول إلى محطتة الأخيرة لهذه الرحلة التي دامت 4 سنوات، أوشكنا على النزول يا سادة أكتمل نضج الشباب الصغار لم نعد هؤلاء الطلاب الصغار في أول يوم لهم يشعرون بتشتت و قلق وعدم الفهم و شعور الوحدة داخل مدرج واسع و كبير، وتمر الأيام و نجد صديقاً لطيفاً نتبدال نظرة التعارف في البداية لتزاحم الكلمات نظراتنا و ترافقنا المواقف والأعمال وذاك الصديق صاحب الإبتسامة العريضة و الضحكة العالية التي يمكنها أن ترميك خلف القضبان في قضية "أداب" مخلة بالشرف، لحظات! جميلة ولكن هذه سنة الحياة و لكل شئ نهاية وهذه هي نهاية حكاية طلبةٍ صغار أصبحوا كبار.
تمتعوا بما تبقى فالتبتسموا بصفاء نية و ضموا بعضكم بقوة تبادلوا نظارت الحب و العشرة الطويلة وإضحكوا بصوت عالي والتقطوا الكثير من الصور وخصوصاً الصور البلهاء فلها طعم مختلف، علمني شخصُ يوماً مبدأً صغيراً (في اللحظات الأخيرة لك في مكان ما أو مع شخص ما ضع خلافاتك وغضبك خلف ظهرك وإترك الصفاء بداخلك يتحدث) دعوا كل شئ ليس على هواكم جانباً ودعوا فطرة المودة تتحكم في اللحظات الأخيرة تلك فهذه اللحظة بجميع الشهور والأيام السابقة فهذه اللحظة ذكراها باقية إلى أخر الحياة.
الثاني و العشرين من يوليو نترك المكان لغيرنا و نغلق صفحاتنا ويفتحها صغارُ غيرنا هنا تنتهي حكايتنا جميعاً لكنها بداية لأخرين مثلنا غرباء في البداية ثم زملاء ثم أصدقاء ثم أخوة ثم كل شئ قد يمتلكة إنسان "الأثر" هذا اليوم سنمضي رفاتا فيه ويبقى الأثر حتى الأزل فأحسنوا الأثر فيما تبقى لكم من أيام، ولنعلم جميعاً أن هذه الدنيا بما فيها وعليها بيد الله الواحد الأحد ولا يخاف قلب على يقين بأن الله باقٍ و دائم الوجود لا وداع بينا وبينه ليعلم الجميع أن المجهول المنتظر ما هو إلا سراب لا يراه مخيف إلا من تمكن الخوف و القلق من قلبه و روحه أليس المجهول مستقبل وغيب من الله؟.... فلا تخافوا في حياتكم شيئاً مالكه هو الله.
المجهول القدام ليس شيئاً جديداً فهذه المرحله مر بها غيرنا هذه ساعاتك الأخيرة كطالب جامعي وغداً أنت جندي يؤدي خدمته العسكرية وأنت شاب مشتت قلق من الغد و أنتي فتاة تنظر نظرة أخيرة إلى مكان عاشت فيه 4 أعوام وتسأل نفسها وماذا بعد؟ إن الجميع يسأل نفسه هذا السؤال المقلق لكن الإجابة بسيطة دون تكليف "إياك نعبد وإياك نستعين" "وتوكل على العزيز الرحيم" الأن لم يعد للخوف وجود ولا للترد مكان ولا للإحتمالات سبب اليوم نحن نتوكل عليه في المجهول بقلوب مطمئنة.
سلامُ عليكم وعلينا سلام على الحاضرين والغائبين والسابقين والاحقين، سلام على من علمونا حرفاً وعلماً نافعا و تركوا من جهدهم فينا أثراً طيبا نقف له تبجيلاً كنتم خير المعلمين و السند وكنتم خير الختام لقصتنا، سلام على صديق أزال غمة من على أعين اليائسين و سلام على من رسم بسمة على وجهٍ حزين، كل السلام لتلك اليد التي سهرت وكتبت ولخصت علماً يفيدنا في اخر لحظاتنا شكرا لكم بحق كل كلمه ساعدتم بها غيركم، سلام على كل من تأتي ذكراهم في بالنا راسمةً إبتسامة نقول بعدها "دامت ذكراكم كذكرى الورود" دامت أيامكم بكل خير و رزقكم الله مستقبلاً طيباً هيناً ورزقكم قوة الصبر سلام علينا وعليكم ومسك الختام.
-
مهاب أسامهباحث إعلام مهتم بمجال صناعة المحتوى وعلم النفس الإكلينيكي