وباء الدروس الخصوصية يغتال رسالة المعلم
نشر في 23 ديسمبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
منذ أيام وعلى صفحة أحد اصدقاء الفيس بوك وجدت بوستر و كأنه أفيش فيلم هابط أو إعلان عن مطرب من بتوع المهرجانات و اغانى التكاتك و الميكروباصات..البوستر يحمل عنوان "مهرجان الفشخانجية" بحضور فرقة دى جى بقيادة الموسيقار "حمادة العره" ..لغة غاية فى السوقية و البذاءة وبالتدقيق فى البوست اكتشفت الكارثة ..طلع إعلان دروس خصوصية ومراجعة ليلة امتحان لمادتى المواطنة و التربية الوطنية للصفين الاول و الثانى الثانوى تخيلوا مادة التربية الوطنية يتلقاها الطالب على يد الفشخانجية و على أنغام حمادة العره ..
يعنى هى هتيجى على معلمى التربية الوطنية و تقف.. و كمان العرض المغرى اللى بيقدمه البوست المنهج فى كبسولة سريعة المراجعات فى "ورقة واحدة وش من غير ضهر ".
تذكرت تصريحات السيد وزير التربية و التعليم عن الدروس الخصوصية و وصلات التهديد و الوعيد للمدرسين و مراكز الدروس الخصوصية باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة الظاهرة و العمل على الحد منها..و الحقيقة أنها تصريحات لا ينفرد بها الوزير الحالى فقط و إنما ينافسه فيها الوزير السابق و الأسبق و الأسبق منه كمان . وشعرت بحجم المأساة التى نعيشها و كأن الوضع الحالى بات أمرا مستحيل التغيير ،فتصريحات الوزراء فى واد و الأسرة المصرية فى واد آخر .
المهم أن تصريحات الوزير تنشط بين الحين و الآخر مرة مع بداية العام الدراسى فى التصريح النمطى بتاع تفعيل مجموعات التقوية لجميع المراحل التعليمية و متابعة تنفيذها و اختيار المعلمين الأكفاء للمشاركة فى هذة المجموعات و يحظر على اى مدرس اعطاء دروس خصوصية داخل المدرسة او خارجها و اغلاق مراكز الدروس الخصوصية و مرات أخرى يتجدد الحديث عنها كلما قرر سيادته الحديث عن تطوير التعليم و المناهج و تحسين دخل المعلم فيشير الى ظاهرة الدروس الخصوصية وجهود الوزارة للقضاء عليها .
أخشى ما أخشاه أن يصدق السادة الوزراء تصريحاتهم و يهيأ لهم خيالهم انه تم القضاء على الدروس الخصوصية و لو بنسبة ضئيلة ، للأسف الوضع لم يتغير قيد أنملة، وها نحن فى موسم الامتحانات هذه الأيام أو ما يعرف بموسم الهجرة الى السناتر ، و بنظرة سريعة لأحد مراكز الدروس الخصوصية ستجد أفواج الطلاب و حصص المراجعات و الملازم وامتحانات دورية و متابعة لمستوى الطالب ، منظومة متكاملة تعمل بكل دقة و نظام طول السنة خاصة سناتر الثانوية العامة حاجة كده تضبط عليها الساعة سيادتك فى ظل غياب الدور الفعال للمدرسة و التى تحولت إلى مجرد لجنة للامتحان آخر العام و فقط .
الغريب فى الأمر ان نفس مدرس السنتر هو مدرس المدرسة بس سبحان الله يحدث له تحول و كأنه طالع بمنظرين .أحد المسئولين بوزارة التربية و التعليم ذكر أن قرابة 80%من المعلمين يشاركون فى نشاط الدروس الخصوصية على مستوى الجمهورية و أن هذة النسبة تمت معرفتها من خلال عمل الضبطية القضائية على مستوى الجمهورية و أوضح المصدر أن الجميع يعطى دروس خصوصية عدا معلمى مواد الأنشطة و الأخصائيين الاجتماعيين و الإداريين .
اذا كانت ظاهرة الدروس الخصوصية قد استفحلت فى مجتمعنا و أصبحت كابوس يؤرق و يرهق ميزانية الأسر المصرية و أفقدت رسالة المعلم معناها و تحولت إلى سبوبة و تجارة بعدما كاد المعلم أن يكون رسولا . فيبدو ان الأمر أصبح من سيئ إلى أسوأ يعنى بدأناها من بدأناها بإمبراطور الفيزياء و أسطورة التاريخ و عبقرى الفيزياء و انتهى بنا الحال إلى الفشخانجية و حمادة العره ..رايحة بينا على فين يا وزارة اللاتربية و اللا تعليم .
بقلم شرين احسان
-
شرين إحسانكاتبة صحفية مصرية، باحثة دكتوراة في الإعلام البيئى، عضو جمعية كتاب البيئة و التنمية