الرجولة بين إحتلال الأجساد ومكارم الأخلاق - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الرجولة بين إحتلال الأجساد ومكارم الأخلاق

دروس من الفيلم الروائي "شلاط تونس"

  نشر في 02 نونبر 2018 .

يعتبر فيلم "شلاط تونس" الممنوع من العرض في الدولة التونسية - كونه معبرا بطريقة غير لائقة أو متناسبة مع تقاليد الشعب التونسي- من أكثر الأعمال النقدية التحليلية للعلاقة بين الدور الذكور والأنوثي ومكانتهما في المجتمع. للوهلة الأولى يبدو الفيلم متمركزا بصورة أكبر على قضية الشاب الذي يستهدف النساء ويقوم بالتعدي عليهن ولكن هناك أيضا رسائل أخرى ,سواء كانت عن طريق العمد أو بالمصادفة البحتة, تحليلة وملفتة للإنتباه للتدبر في المفهوم الذكوري لمفهوم الرجولة في العالم العربي- من خلال ومضات سينيمائية ثقافية- علي وجه التحديد والتي تتشابه مع الفكر الشرق أوسطي والأفريقي إلى حدٍ كبير.

الصورة أو الومضة الاولى عن مفهوم الرجولة كما صورها "شلاط تونس" إنما تتمثل في المشهد الأول من الفيلم – حيث كان النقاش محتدا بين الشرطي وصناع الفيلم- بين تنازع وتلاسن عن أحقية التصوير في زمام السجن في رحلة البحث عن ماهية الشلاط. أعتقد أن مفهوم الرجولة يكون تارة على العموم بمعنى أن يكون الرجل متمثلا في المكانة السلطوية أو الإجتماعية فارضا سطوته علي من هم دونه منزلةً بغض النظر عن الجنس سواء ذكرا كان أم أنثى.هذا المفهوم الشمولي هو إلى حد كبير يقترب من البطرياركية أو الأبوية السلطوية التي دائما تكون قرينة السلطة السياسية. أيضا هناك مفهوم أخص وهو الغالب في المجتمعات العربية- والمستهدف من الفيلم- حيث تكون المرأة هي من يمارس ضدها العنصرية الجنوسية من خلال سبل التحكم المختلفة في واقعها الحياتي في شتي مناحيها إما عن طريق رب العمل من خلال غبن لحقوق المرأة المالية في صورة راتب أقل أو منعها من التدرج الوظيفي وما شابهه من أعمال عنصرية المبدأ وذكورية الغاية.

الومضة الثانية في الفيلم دفعتني للتدبر في مفهوم الرجولة كما ظهر من تعبيرات الرجال حيت سئلوا عن آرائهم فيما يفعله شلاط تونس. كاد يكون الرأي تقريريا بالإجماع- مخالفا لحال الرجال العرب كثيري المنازعات الداخلية- لما يفعله الشلاط بل وكانت أغلب الردود مصورة إياه بالرجولة. والمثير للجدل أن الآراء كانت مبنية على مبادئ الغيرة والكرامة في حين أن الحال العربي يفتقر لتلك المظاهر في الحياة اليومية. كان التبرير الأكثر إستخداما هو أن يحق لشلاط تونس أن يفعل جرائمة بالنساء طالما يمشين وينافسن الرجال في الأسواق مرتديات ألبسة كاسية عارية فاضحة.أيضا, وصل التبرير إلى حد التحريض على سفك الدماء حيث السماح لأي أنثى في العائلة بالخروج بلباس عار لهو دليل على ندرة الغيرة عند من سمح لها ذلك والصواب ربما يصل لضربها أو حتي قتلها. .في رأيي الشخصي أعتقد أن الحديث عن الغيرة والكرامة لهو درب من دروب الإنفصامية لما أعايشه من واقائع حياتية يومية. ليس حديثي هو أمر مناهض لتلكم القيم السامية ولكن هو تهكم لما تلوكه الألسنة لتبرير العنصرية ضد المرأة. أرى يوميا حالات تحرش وإنتهاكات للمرأة يكون أغلبها موجه لنساء يمتزن باللبس المحتشم ولكن تكون المعضلة دائما في ردود أفعال "الرجال" على تلك الحوادث. إن كان التأييد الذكوري لشلاط تونس هو إستهدافه لنساء عاريات فلماذا الصمت عن إستهدافه لنساء محتشمات أيضا كما حدث من نظيره المصري المعروف بـ " سفاح المعادي"؟

الومضة الثالثة وهي الأهم في نظري متمركزة حول محور الأبوية. إمتازت المشاهد الحوارية للشاب المدعي لدور شلاط تونس وأمه بدور الأبوية إلى حد كبير. كان الشاب دائما يظهر بصورة سلطوية حنونة على أمه في حين أن الأم كانت دائما تظهر بصورة "الكومبارس الصامت". لم يكن للأم جُمل حوارية جوهرية في الفيلم بل كان الشاب مسيطر , كما فعل الشرطي في أول الفيلم, على التوجه الفكري الذي يسود المنزل. كانت الأم دائما هي بطلة تعبيرات الوجه إما عن طريق الإقرار بالإبتسامة أو الرضا أو الإنكسار والخوف من خلال البكاء. أيضا دائما يستشهد الشاب بأمه كونها المثل الأعلى ومصدر الإلهام لما يريده في فتاة أحلامه. 



  • MA Sultan
    متخصص في العلوم السياسية وعاشق للحرف والنقطة.
   نشر في 02 نونبر 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا