حين ذهبت إلى" خالد الرويشان " لكتابة مقدمة لكتابي
"مسمار في جدار الذاكرة " لاعتقادي أنه ليست له أي ميول أيدلوجية كمثقف يجمع عليه غالبية السذج ،اشترط أن احذف كل ما يتعلق بالاخوان وخصوصا سيد قطب وحسن البنا رحمهما الله، الذين يعتبرهما إرهابيين كما يقول وأعجبته كلمة مفادها"حين كنت أخلو بها اعبر بفمي تضاريس الجسد الضامر".!
معتبرا أن هذا شيء متقدم لشاب يتجاوز التقاليد البالية -كما قال-ليفصح عن جموح الرغبة لديه بشكل صريح .
قلت له إنني حين أكتب أكتب قناعتي وتجربتي لا مجال لمحو ما أشار عليَّ ،قال لكن كتابك تطغى عليه الرؤية الدينية ولا يصلح عملا روائيا ،قلت له هو ليس عملا روائيا هو مزيج من السيرة الذاتية والتجربة وما تبلور عنها من قناعات معرفية وفكرية أوصلتني إلى قناعة كلية مفادها أن طريق التقدم الفعلي لنا كأمة في الحياة مسألة ينحصر إنجازها في الاسلام كدين قادر على العطاء والتجديد ، وتحقيق الفاعلية الفردية والاجتماعية الإيجابية .
كان يعدل جلسته في كل لحظة يبدو غير مقتنع ومستقر ثمة بركان حار ينبعث من تحته على أريكته الباذخة ، كنت أدرك أن صراع الأفكار خطير وأن خالد يكتنفه بعد أيدلوجي ليبرالي مادي لم يمنحه التماسك اللازم فيما كنت شديد الثقة والإيمان بما كتبته .
كان لا بد أن أخرج مكتنفاته ،وأجس نبض توجهاته التي استبطنت بشكل ماكر غطته بهرجة الألفاظ الأنيقة التي يكتبها بأدبية تسحر المفتونات بزخرف الكلمة.
قلت له :سيد قطب لم يفهم على نحو صحيح والإرهاب ولد في سجون عبدالناصر ، سيد قطب مفكر ألهم مختلف التوجهات الاسلامية وكلٌ أخذ من سيد ما يعتقد أنه يتناسب مع فهمه للإسلام ، فالمشكلة ليست في فكر قطب بقدر ما هي في فهم من قرأ فكره.
خالدالرويشان لا يقتنع إنه يرى أن الفن والطرب هي الأفكار الجديرة بالاحترام ،هو ضحل كطبل فارغ إلا من بعض قصائد يجيد كتابتها ليدهش وجدانيات الأغبياء ، لا يدرك أن ثقافة الرقص هي ماسورة القناص الذي به سددت رميات أعداء أمتنا وأن الرقص لم يصنع من أجيالنا سوى أشباه رجال مستخذيين، الغرب يتقدم وينجز ونحن نرقص ونغني فحسب وكل فشلنا نلقيه على الدين والتدين والاخوان ...
الإنجاز الذي يمكن أن يشيد به أي مثقف "علماني"في أوطاننا هو :الرقص التعري الاضمحلال القيمي والاخلاقي ، محاربة التدين، وصم كل ملتزم بالتزمت والارهاب ، محاربة فكر النهضة ، اعتبار الدين مسألة غير علمية .
وسيبقى خالد الرويشان أحد هواة الرقص والليونية الجسدية التي تستصحب معها كل أشكال الليونة في مواجهة مؤامرات تعبث بأمتنا وأجيالنا ووجودنا ومصيرنا .
-
رداد السلامي...