"احنا منبوذين دي ملهاش علاج" هكذا كان تعبير أحد المصابين بإعاقة أو ما يسميه البشرإعاقةً عندما قابل بشاي بطل الفيلم أثناء رحلته في البحث عن عائلته التي نبذته أيضا .

الفيلم إنساني في مشاهد كثيرةٍ منه ،ويعيد أمامنا صوغ السؤال القديم ،هل نحن فعلا نتقبل المختلفين أم نخشاهم وخصوصا مرضى الجذام؟!

لمحات من الفيلم :

اختيار الابطال :

تم اختيار ابطال حقيقين في أدوار البطولة الرئيسية في العمل ،وهو الامر الذي يعد مختلفا عن سابقيه وإن كنت لا اظن ان ثمة أفلام مصريةٌ تحديدا ناقشت قضية الجذام ،وأعتقد ان ذاك نجح فيه المخرج إلى حد بعيد اذ أوصل المشاعر بصورة أدق حتى وإن لم يخرج التمثيل على أكبر قدر من الإحترافية ..

الحياة على ضفة اخرى هكذا يمكن ان نُسمي المستعمرة التي تضم عددا من البشر الذين أُصيبوا بالجذام ووجدوا السلوى في اجتماعهم سويا دون ان يشعر أحدُهم بالدونية عن الاخر وإتضح ذلك جليا في ابتسامة بشاي في نهاية الفيلم ورميه للطاقية التي كان يغطي بها وجهه الملئ بالندوب ،الهدوء والسكينة وشهيقه المُعبر عن عودته للحياة ،الحياة التي عاشها ورضي بها في مستعمرة مغلقة مقذوفة أيضا على اطراف المدينة !

قال له والده انه وضعه فيها خوفا عليه من ألا يستطيع أن يعيش وسط العاديين ان يحيا حياتهم فقرر أن يكون وسط اشباهه الذين بالتاكيد سيتقبلونه أكثر من الاخرين ويستطيع ان يتخذ منهم أخلاء وزوجة ايضا .

الفيلم ملئ بالمشاهد المعبرة ويجب ان أشيد بالسيناريو المكتوب واختيار الحوار والجمل على قلتها إلا انه كان معبرا وموصلا للرسالة .

دور المجتمع تجاه الجُذام وتقبل الاختلاف :

إن المجتمعات العربية وبالخصوص مصر لا زال لديها إشكالية التمييز وعدم تقبل الإختلاف من أبسط صوره وحتى أعقدها ،بداية من قصار القامة الذين تعتبرهم السينما والمسرح من وسائل إضفاء الكوميديا على العمل الدرامي بالتندر عليهم وكذا أرباب السمنة الذين ربما يقوم عليهم عمل كامل ،مرورا بالطبع بمبتوري الأطراف وأصحاب التشوهات التي سببها الجذام وغيره ، وربما كانت هذه الرسالة الأبرز للفيلم التي اتضحت في تفاصيله المختلفة مع البطل وأؤلئك الذين قابلهم أثناء رحلته وخلعه لغطاء الوجه الذي كان يغطيه به وملامح الإرتياح على وجهه .

وإنه لمثير للعجب أن نكون في هذا العصر الذي ينظر فيه الغرب للمختلفين

دون تعال أو تمييز بل انهم يمارسون حياتهم بصورة طبيعية فيلتحقون بالرياضات المختلفة ويحققون النتائج ويصير منهم الفنانون بل وعارضوا أزياء وكل المَهمات التي تبدو عسيرة على الطبيعي من وجهة نظرنا ،لا شيء يفسر ذلك إلا أن عقولنا قاصرة وأننا من نغرس في الصغار فِكرة التمييز والتطلع بدونية للآخر أيا كان ولازال في قاموسنا العربي مفردات مثل معيوب أو معيوبة ،ناقص رجل أو إيد ،أعور وعورة وغيره الكثير .

وبالعودة إلى الفيلم نجد الجملة الختامية للأب الذي قذف ابنه في مستعمرة الجذام وهو يقول "كنت خايف تشوف حياة الناس ومتعرفش تعيشها حطيطك مع ناس شبهك "ويقرر بطل الفيلم في النهاية أن يعود لمستعمرته التي ينتمي اليها وتنتمي اليه حتى وإن كانت على أطراف المدينة أو على هامش الحياة !

يوم الدين من الأعمال المُميزة التي عبرت عن واقعٍ بطريقة بسيطة لكنها أيضا تحمل الرسالة بطريقة محكمة وبمساعدة أبطال حقيقين ،أتمنى أن يحوز بطل العمل وغيره من العائدين من الجذام بالتقدير والقُدرة على الإنغماس في الحياة الطبيعية دون أن يرغبوا بالعودة إلى مخابئهم .