في يوم من أيام الربيع الجميل فتحت نافذتي لتحل الشمس ضيفة على غرفتي بأشعتها الذهبية؛ ولتعانق نسمات الهواء أركانها، وأخذت أمتع ناظري بالورود الجذابة التي طرزت البساط الأخضر، وبينما كنت أتأمل سمعت صوت أبي فخرجت لألبي نداءه، لقد كان يخبرنا أن هذا اليوم الرائع لا ينبغي أن يُفوّت لذا قرر أن يأخذنا لنستمتع بالطبيعة في حديقة الحيوان، لقد كنا نحتاج لرحلة كهذه نروح بها عن أنفسنا كي لا تعمى قلوبنا وسط زحام الحياة ، وعندما وصلنا أسرتني الطبيعة بجمالها وبهجتها وروعة خلتها، وكانني في عرس لم أشهد له مثيلاً، وبينما كنت أتجول في أرجائها أفزعني صوت مدو ، إنه زئير الأسد ، فقررت أن أتوجه إلى عرينه ، وعندما بلغت قفصه وجدته جالساً برفقة أشباله ، فأخذت أراقب المشهد من وراء القضبان ذلك الليث كان يكشر لأبنائه عن أنيابه دون أن يصيبهم بأذى ، يبرز لهم مخالبه مهدداً إياهم ومعلماً دون أن يجرحهم، وينقض على كل من يحاول أن يمسهم أو يقترب منهم ، يداعبهم مرةً ويزار أخرى، لقد استوقفني ذلك الضيغم، وجعلني أفطن إلى أمور قد كنت أجهلها أولم يتضح لي مغزاها في بعض الأحيان، فلقد أحسست بأنه يشبه أبي وأن ذلك المشهد يحاكي واقعنا ، فأبي يوبخنا دون أن يجرحنا ، يرفض بعض مطالبنا وذلك لم يكن تعنتاً بل لأن أفقه أوسع وترى بصيرته أموراً قد لا تدركها أعمارنا ، ويتصدى بقوة لكل من يحاول النيل منا ، وهبنا عمره وجعل من أضلعه أسواراً تحصننا، لقد علمني ذلك الضيغم درساً ، وبصرني بحقائق قد كنت غافلة عنها ، وترسخ في قلبي قبل ذهني أن أبي هو أعظم امري رأته عيني.
-
رحمة وحيدقلم واعد يتدفق حبره من أعماق القلب، ويؤمن أن للقلوب لغة لا تعرف سوى الصدق والنبل
التعليقات
سيهديك أثواباً ليست كتلك التي تباع في المحلات وإنما أثواب صنعت خصيصاً لقلبك بكل حب صنعت في القلب على مقاس القلب لتبلغ القلب............. https://open.spotify.com/show/1lCFHGzS2DBlg0oFMn7mBe?si=KyvD9IzfQC6_Y1faT2FpDg