بين دين صنعه الأمراء و دين نزل على خاتم الأنبياء هناك فسحة للتأمل و دعوة للتفكر
نشر في 12 يناير 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في القرآن الكريم الذي نزل على خاتم المرسليه عليه الصلاة و السلام ورد أربعة آيات ، آيتان في سورة التوبة وآيتان في سورة الصف و هما :
﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {32} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {33}﴾ التوبة
﴿ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {8} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {9}﴾ الصف
نجد في هذه الآيات أنَّ هناك من يحاول إطفاء الحقيقة و تشويهها و لكن في النهاية هناك وعد بأنَّ الحقيقة ستبقى حقيقة و ستكون ظاهرة واضحة إن رضي البعض أو أبى .
و الشيء الآخر الموجود في الآيات هو كلمة بأفواههم ، فهذا يدل على الكلام الذي سيقال و الكلام الذي سيجارب به الإسلام و لكن أيضاً يدل على الأفعال لأن الفعل يأتي بعد الكلام أو الأمر .
هذا شرح بسيط للآيات و هو كمدخل إلى المقال .
إنَّ الدين الإسلامي الذي نزل على النبي محمد عليه الصلاة و السلام هو دين الرحمة ، كيف لا و هو قد أتى ليخرج الناس من الظلام إلى النور ، من الكفر إلى الهداية ، من عبادة الأصنام إلى عبادة الرحمن ، من الجهل إلى التفكير و التعلم و التنور .
إنَّ الإسلام هو الحقيقة الكاملة التي يحاول البعض تشويهها و محاربتها ، و قد تم تجنيد كل شيء ممكن لتشويه الدين الإسلامي ، ليظهر لنا في هذا الوقت دين جديد يمكن أن نسميه دين الأمراء ، أو دين الاستعمار ، المبني على القتل و الدمار و التعذيب و الوحشية .
نعم لا فرق بين أمير يصنع الإرهاب و الموت في كواليس و متاهات القصور المبنية على أنهار النفط الجاري و بين أمير أو رئيس خاضت بلاده أكثر من حرب ،و عملت قواته على إعدام الأبرياء . فكل واحد منهم يصنع و يمارس الإرهاب .
إن صناعة الإرهاب هي أكثر الصناعات التي تلقى اهتماما و نشاطا في المنطقة العربية ، و الوجه الآهر لهذه الصنعة يكون في أوروبا ، تلك القارة التي ذاقت ويلات الحروب الأهلية ، هي الآن تقع في فخ الإرهاب و لكن بصورة أخرى ، و هي أنَّ أي فعل أو حدث أو اعتداء هو من صنع الاسلام .
فالاسلام الذي نزل على محمد عليه السلام بريء من إسلام صنعه ملوك النفط ، بعيد عن اسلام صنعه من يعتقدون أنهم من آل البيت ، مع أن آل البيت بريؤون منهم.
في الغزوات التي كانت تقع في عهد الرسول عليه السلام ، كانت هناك قاعدة تدل على أنَّ الاسلام ليس دين قتل و هي أن لا يتم قتل الشيوخ أو الأطفال أو النساء أو اقتلاع الأشجار أو التمثيل ، و لكن في هذه الأيام نجد أن كل ما نهى عنه الاسلام هو موجود و اسم الاسلام موجود أيضا ، و لكن شتان ما بين دين الأمراء و دين السماء .
هناك حقيقة تأرق الغرب ، و هذه الحقيقة جعلت من الغرب يحارب الإسلام بكافة الطرق ، إنَّ الغرب يدركون أنَّ الاسلام سينتشر و يكون في موضع الحكم ، و هذا يُربك الغرب فلذلك يعملون على محاربته بكافة الطرق .
قال رسول الله عليه السلام بدأ الاسلام غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء
قد نجد أن هذا الكلام ينطبق على حاضرنا ، فعندما نتأمل واقعنا نجد أنَّنا نتبع دينا اسمه الإسلام و لكن على الطريقة الغربية التي غزت بلادنا ، فنحن نعلم من الاسلام الصوم و الصلاة ، و ما تبقى نتبع دينا آخر اسمه اسلام شوهه الغرب و حاول أن يبثه لنا .
عمل الغرب بمساعدة العرب على الترويج لنشر ثقافات دخيلة ، أدتت بنا في نهاية المطاف أن نصدقها ، و نتبعها ، و نعتقد في نهاية الأمر أننا نتبع دين الإسلام الصحيح .
و أيضا هناك من المسلمين من أصبح ينتقد الإسلام و يشك في الدين الإسلامي و يقف منحازا للغرب و يؤيد دخولهم في ضرب المدن العربية .عندما نصل إلى هذا التفكير فعلينا أن ندرك حجم تغلغل الغرب و سيطرته على أفكارنا .
عمل الغرب عن ايجاد ضالته في من يحكمون بلاد العرب و إعلام لا يرتقى إلى المستوى المطلوب لنشر سمومه ، بطريقة يجعلنا نتجرعها رويداً رويداً ، و نصدقها و نتلذذ بتجرع السموم و نقول هل من مزيد ، هل من مزيد .
عندما نريد أن نتقكر فعلينا أن نُبعد عن عقولنا تلك الثقافات الدخيلة ، و نترك كلام الإعلام الذي يروج لأفكار الغرب و نسأل أنفسنا من نحن و أين نحن و ماذا نفعل و هل نحن نسير وفق أوامر الدين أم أننا لا نعرف أي شيء عن الدين .
إذا وضعنا العقل في موضع التفكير بحرية دون وجود أي ضغوط فسنرى أننا نقف في طريق لا نعلم كيف دخلناها ولا كيف رضينا بأن نسير فيها ، هي طريق الظلام الذي يغشاه السواد ، ذلك السواد الذي يحول بيننا و بين رؤية ذاك النور.
في النهاية يمكن أن أقول إنَّ المنظمات الإرهابية هي إرهابية جداً تمارس الموت و القتل بشكل يومي و أنها إرهابية و ليست إسلامية ، و لن تُقيم دولة اسلامية و لن تفكر في تحرير شبر من فلسطين أو تنصر قضية إنسانية ، بل هي أداة في يد صانعي الإرهاب في وطننا العربي الذي أصبح مسرحا لصناعة الموت ، و أيضا إن الغرب يدروكون ما هو الإسلام و يظهر هذا في كتابات و آراء بعض الكُتَّاب الذين يتحدثون عن الدين الاسلامي بموضوعية ، و أنَّ الحقيقة ستبدو واضحة تماما و لو بعد حين .
-
محمد حميدةمدوِّن فلسطيني