"مهلبية"
"الغربة لا تساوي شيئا, فان سقطنا فلن تكون كل اصقاع الارض وطنا لنا"
نشر في 20 غشت 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 أكتوبر 2019 .
"الغربة لا تساوي شيئا, فان سقطنا فلن تكون كل اصقاع الارض وطنا لنا"
من اخطر الامور التي تواجه من يعيش في الغربة افتقاره الى الارادة في وضع حد لاغترابه..الناس في وطنه ينظرون اليه بعين الحسد, يحسدونه على كل شيء, وحتى على اشياء لا تستحق الحسد..ينظرون الى رفعتهم من خلال سقوطه..!!..يحسدونه حتى على غربته, وتشرده..وكانما التشرد مكسب وعليه ان يرمي جميع اوزاره , ويدفع ضريبة غربته حقدا..
" فالغربة يا رجل فاجعة يتم إدراكها على مراحل, ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التّابوت على أسئلتك الّتي بقيت مفتوحةً عمراً بأكمله، ولن تكون هنا يومها لتعرف كم كنت غريباً قبل ذلك؟ ولا كم ستصبح منفيّاً بعد الآن؟"( احلام مستغانمي)..
لطالما كان - من يعيش مغتربا, والاصح ان نقول مشردا– دائم البحث عن التوازن الحقيقي في كل وقت..عن المعادلة الصعبة التي تربط الظروف الجغرافية والاقتصادية , في نسبية الرجولة الكاملة في اتخاذ قرار صارم بالتخلي عن تشرده.
وهنا, يبقى حبيسا خلف قضبان سؤال يؤرقه.."هل الوطن ذلك المكان الذي يقبع على بعد الاف الكيلومترات منه, ام ان الوطن فكرة ذهنية نعيشها..نحاورها..نتسامر معها, ثم بعدها نغط في سبات عميق؟ "
أم أن مفهوم الوطنية اصبح كمفهوم المهلبية, مذاق شهي, وشكل جميل,وليونة في التعامل معها بل والتهامها بنهم طالما كنا في مأمن عن كل ما ينغص علينا حياتنا..!!
ان تلك الفكرة الذهنية – الوطن – لها معنى كبير باهظ الثمن, معنى لا نراه بالعين المجردة, ولا نقيسه بالكم !!..ولكن ماذا نفعل بوطن لفظنا , وتخلى عنا دون ان يكون لنا اي مشورة او قرار..جعلنا نسير ببطء وخوف نحو عالم مجهول..نحن لم نرتكب اي جريمة سوى انتماؤنا الى تلك الارض, باوراقنا الثبوتية القديمة.. ثم – وبلا شعور – نختفي– بملابسنا الرثة, ووجوهنا الكالحة التي اكل الدهر عليها وشرب – لننتهي في غرفة مظلمة , واكثر عتمة من تشردنا , فنكتشف اننا قتلنا حروف تلك الفكرة الذهنية ببندقية لا نمتلكها..!!
تفكيرنا بات معوجا..قوى كثيرة منهاالطمع والاحلام الوردية ادت الى ذلك,واثنتان من هذه القوى هي تخلفنا الفكري وغباؤنا !!..حكمنا على انفسنا ان نبقى تحت الرماد, ثم علينا ان ننسى اننا نسينا , ثم هرمنا ونسينا ان ننسى!!
اصبحنا لا نستطيع التأقلم مع تلك الفكرة الذهنية – الوطن – ولا نستطيع العيش معها..
تواطد العَلاقة بين تَعاطي الافكار الذهنية والتشرد..بين التأقلم والشعور بالعجز, قد تؤدي في نهاية المطاف الى الموت.
الكثير من الناس قد تعدى الفكرة الذهنية, واطلق على موطن الانسان الاصلي "الموطن الأم".. ، وربما لن يدرك هذه المعادلة إلا مغترب أجبرعلى الابتعاد عن وطنه اما مخيرا واما مسيرا واما ..ابتعد قسرا!!..فان كان مخيرا, فهو خيار مرير بلا شك, يسبب اضطرابا في النفس..يتغير المكان, ويتغير الزمان..يتغير البشر , فنسعى الى البحث عن فكرة ذهنية جديدة كخيار وحيد في حياة كريمة..
مما لا يحتمل الشك, ان حياة الانسان في الغربة ما هي الا حياة مؤقتة, طبعا هذا ان استطاع العودة سالما...أما
"فكرة الارتباط بالارض والشعب والهوية, جميعها في تقديري "افكارا ذهنية" ترتبط بنا روحانيا منذ الصغر"
الحياةَ لن تنتظرَ أحدًا حتى يفيقَ من حالة التشرد والاغتراب, كم كثير من اصحاب تلك الفكرة الذهنية لم يعودوا الى اوطانهم, ومنهم من عاد محمولا على الاكتاف, فهل سنظل نمشي ونمشي على قدم وساق نحو مستقبل مجهول, متعلقين ب "فكرة ذهنية" لا نؤمن بها ؟!!..هل سنظل نلاحق الهرب من واقعنا , وقد امسى كل واحد منا, مسافرا , باحثا عن مأوى لمشاعر ابقته سجينا ل " فكرة ذهنية" عالقة ؟
-
Dallashذات مرة وثقنا، وجلّ من لا يُخطئ . ماهر باكير
نشر في 20 غشت 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 أكتوبر 2019
.
التعليقات
ميساء البشيتي
منذ 2 سنة
في النهاية نحن نكتب من وجعنا وحرقة قلبنا... بالضبط كالمثل القائل أدعي على ابني وأدعي على كل من يقول آمين ... نحن لا يمكن أن نجد بديلا لأرض الوطن ولكن أيضا لا نعرف من أي الأبواب ندلف إليه... كان الله بالعون أخ ماهر وكل أمنيات التوفيق يا رب
2
>>>>
منذ 2 سنة
طرح جميل للغربة... يحمل نوعا من الأسى على انفسنا التي ضاعت بين فكرة ذهنية تحملها منذ الصغر و لا تستطيع أن تتبرأ منها مهما حاولت و بين طموح للأفضل بعيدا عن المشاعر التي تربطنا بالوطن... نريد أن نحمل الوطن مسؤولية غربتنا و نحس بأننا بالرغم من اختيارنا للغربة كنا مرغمين عليها... هل كان طموحا للأفضل أم نوعا من الأنانية؟ أو نوع من.... التبرير لكي لا نستيقظ كل ليلة على كابوس خذلان الوطن... نعتبره فكرة ذهنية ثم ننصرف... و لا نعي إلا بعد فوات الأوان ... أن كل ما سبق كان بلا معنى ما دام بعيدا عن الوطن.... موضوع شيق يلهمني و يؤلمني أيضا. دام مدادك أخي
1
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
Farah OuZa
منذ 5 يوم
مريم أودادة
منذ 1 أسبوع
ليلى الحسين
منذ 3 أسبوع
اعترافات نرجسي
عزيزتي الضحية.. نعم أنت ضحيتي بغض النظر عن إسمك فإنه لا يهمني. وإنما يهمني ما تملكين، من عطاء من علم من مال من علاقات مما أريد وأحتاج من طاقة تجعلني أقوى.نعم هي طاقتك التي أمتصها لأعيش بقوة. فأنا بداخلي
عبد العالي ايت سيدي
منذ 3 أسبوع
بيلسان محمد
منذ 3 أسبوع
مذكرة زوجة
أجلس وحيدة على طاولة المطبخ وأفتح شاشة جهازي المحمول بعد أن استنفدت كل طاقتي بين أطفالي والمنزل علني أنجز بعضا مم علي إنجازه.. أجلس أخيرا بهدوء، أنا ومدفئتي الصغيرة العاجزة عن تدفئة روحي.. أو حتى جسدي.. فنجان قهوتي الباردة
Islam Ayad
منذ 4 أسبوع
فاطمة بولعنان
منذ 4 أسبوع
ليلى الحسين
منذ 4 أسبوع
كبرت يا أمي.. وتبادلنا الأدوار..
كبرت يا أمي.. وتبادلنا الأدوار.. فهمت لماذا كنت تقولين لنا أن في العيون أسرار..وأن الحركات تقول أكثر من كلمات اللسان..ونبرة الصوت هي سر معاني الكلام..كبرت يا أمي.. وتبادلنا الأدوار..فقد طبقت ما علمتني إياه من آليات الحوار..وبدأت أتكلم كما يتكلم
فاطمة بولعنان
منذ 1 شهر