"مهلبية" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

"مهلبية"

"الغربة لا تساوي شيئا, فان سقطنا فلن تكون كل اصقاع الارض وطنا لنا"

  نشر في 20 غشت 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

"الغربة لا تساوي شيئا, فان سقطنا فلن تكون كل اصقاع الارض وطنا لنا"
من اخطر الامور التي تواجه من يعيش في الغربة افتقاره الى الارادة في وضع حد لاغترابه..الناس في وطنه ينظرون اليه بعين الحسد, يحسدونه على كل شيء, وحتى على اشياء لا تستحق الحسد..ينظرون الى رفعتهم من خلال سقوطه..!!..يحسدونه حتى على غربته, وتشرده..وكانما التشرد مكسب وعليه ان يرمي جميع اوزاره , ويدفع ضريبة غربته حقدا..
" فالغربة يا رجل فاجعة يتم إدراكها على مراحل, ولا يستكمل الوعي بها إلا بانغلاق ذلك التّابوت على أسئلتك الّتي بقيت مفتوحةً عمراً بأكمله، ولن تكون هنا يومها لتعرف كم كنت غريباً قبل ذلك؟ ولا كم ستصبح منفيّاً بعد الآن؟"( احلام مستغانمي)..
لطالما كان - من يعيش مغتربا, والاصح ان نقول مشردا– دائم البحث عن التوازن الحقيقي في كل وقت..عن المعادلة الصعبة التي تربط الظروف الجغرافية والاقتصادية , في نسبية الرجولة الكاملة في اتخاذ قرار صارم بالتخلي عن تشرده.
وهنا, يبقى حبيسا خلف قضبان سؤال يؤرقه.."هل الوطن ذلك المكان الذي يقبع على بعد الاف الكيلومترات منه, ام ان الوطن فكرة ذهنية نعيشها..نحاورها..نتسامر معها, ثم بعدها نغط في سبات عميق؟ "
أم أن مفهوم الوطنية اصبح كمفهوم المهلبية, مذاق شهي, وشكل جميل,وليونة في التعامل معها بل والتهامها بنهم طالما كنا في مأمن عن كل ما ينغص علينا حياتنا..!!
ان تلك الفكرة الذهنية – الوطن – لها معنى كبير باهظ الثمن, معنى لا نراه بالعين المجردة, ولا نقيسه بالكم !!..ولكن ماذا نفعل بوطن لفظنا , وتخلى عنا دون ان يكون لنا اي مشورة او قرار..جعلنا نسير ببطء وخوف نحو عالم مجهول..نحن لم نرتكب اي جريمة سوى انتماؤنا الى تلك الارض, باوراقنا الثبوتية القديمة.. ثم – وبلا شعور – نختفي– بملابسنا الرثة, ووجوهنا الكالحة التي اكل الدهر عليها وشرب – لننتهي في غرفة مظلمة , واكثر عتمة من تشردنا , فنكتشف اننا قتلنا حروف تلك الفكرة الذهنية ببندقية لا نمتلكها..!!
تفكيرنا بات معوجا..قوى كثيرة منهاالطمع والاحلام الوردية ادت الى ذلك,واثنتان من هذه القوى هي تخلفنا الفكري وغباؤنا !!..حكمنا على انفسنا ان نبقى تحت الرماد, ثم علينا ان ننسى اننا نسينا , ثم هرمنا ونسينا ان ننسى!!
اصبحنا لا نستطيع التأقلم مع تلك الفكرة الذهنية – الوطن – ولا نستطيع العيش معها..
تواطد العَلاقة بين تَعاطي الافكار الذهنية والتشرد..بين التأقلم والشعور بالعجز, قد تؤدي في نهاية المطاف الى الموت.
الكثير من الناس قد تعدى الفكرة الذهنية, واطلق على موطن الانسان الاصلي "الموطن الأم".. ، وربما لن يدرك هذه المعادلة إلا مغترب أجبرعلى الابتعاد عن وطنه اما مخيرا واما مسيرا واما ..ابتعد قسرا!!..فان كان مخيرا, فهو خيار مرير بلا شك, يسبب اضطرابا في النفس..يتغير المكان, ويتغير الزمان..يتغير البشر , فنسعى الى البحث عن فكرة ذهنية جديدة كخيار وحيد في حياة كريمة..
مما لا يحتمل الشك, ان حياة الانسان في الغربة ما هي الا حياة مؤقتة, طبعا هذا ان استطاع العودة سالما...أما
"فكرة الارتباط بالارض والشعب والهوية, جميعها في تقديري "افكارا ذهنية" ترتبط بنا روحانيا منذ الصغر"
الحياةَ لن تنتظرَ أحدًا حتى يفيقَ من حالة التشرد والاغتراب, كم كثير من اصحاب تلك الفكرة الذهنية لم يعودوا الى اوطانهم, ومنهم من عاد محمولا على الاكتاف, فهل سنظل نمشي ونمشي على قدم وساق نحو مستقبل مجهول, متعلقين ب "فكرة ذهنية" لا نؤمن بها ؟!!..هل سنظل نلاحق الهرب من واقعنا , وقد امسى كل واحد منا, مسافرا , باحثا عن مأوى لمشاعر ابقته سجينا ل " فكرة ذهنية" عالقة ؟

ماهر (باكير)دلاش



  • 7

  • Dallash
    وَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير
   نشر في 20 غشت 2019  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

إيمان منذ 5 سنة
ان كان في الاغتراب وطن فأهلا به... لا معنى لوطن لا أعيش فيه كريما...
0
Dallash
اليس الوطن هو تلك الفكرة الذهنية..ام هو تلك المساحة المترامية من حدود تقيدنا؟
دام حضورك اختي الفاضلة الكريمة
في النهاية نحن نكتب من وجعنا وحرقة قلبنا... بالضبط كالمثل القائل أدعي على ابني وأدعي على كل من يقول آمين ... نحن لا يمكن أن نجد بديلا لأرض الوطن ولكن أيضا لا نعرف من أي الأبواب ندلف إليه... كان الله بالعون أخ ماهر وكل أمنيات التوفيق يا رب
2
Dallash
اللهم امين ..الغربة لاتعني غربة عن ارض او اهل او عشيرة ..الغربة هي داخل أنفسنا ..دام حضورك
اعتقد مقال سمفونية الوطن العريق سوف يروقك وكذلك مقال وللبيض بقية
>>>> منذ 5 سنة
طرح جميل للغربة... يحمل نوعا من الأسى على انفسنا التي ضاعت بين فكرة ذهنية تحملها منذ الصغر و لا تستطيع أن تتبرأ منها مهما حاولت و بين طموح للأفضل بعيدا عن المشاعر التي تربطنا بالوطن... نريد أن نحمل الوطن مسؤولية غربتنا و نحس بأننا بالرغم من اختيارنا للغربة كنا مرغمين عليها... هل كان طموحا للأفضل أم نوعا من الأنانية؟ أو نوع من.... التبرير لكي لا نستيقظ كل ليلة على كابوس خذلان الوطن... نعتبره فكرة ذهنية ثم ننصرف... و لا نعي إلا بعد فوات الأوان ... أن كل ما سبق كان بلا معنى ما دام بعيدا عن الوطن.... موضوع شيق يلهمني و يؤلمني أيضا. دام مدادك أخي
1
Dallash
وكأن القصيدة لا تكتب إلا حين يكون هناك هدنة!! ويكون هناك سلام في وطن الاعماق والمشاعر!!
فهل سيكون هناك سلام في وطن الاعماق والمشاعر
>>>>
لا سلام بعيدا عن الوطن.... إنه السلام الداخلي الذي يفتقر إليه المغتربون. تحياتي لك أخي
Dallash
فعلا ،الغربة مميتة لها ضريبتها ..اسألي مجرب ..سلام الله عليك اختي الفاضلة

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا