كتاب .. قهوة .. وورد
قرأت فأدركت .. عشت وتعلمت .. وإليكم ما استقر في داخلي
نشر في 19 أبريل 2018 .
"تعلمت أن القراءة فعل خشوع، فأنت حين تنهي قراءة كتاب، لا تعود الشخص الذي كنته قبل القراءة".
والقراءة بالفعل يفقتد لذة متعتها العديد من الناس، بل في وقتنا الحالي الكثيرون؛ ومع ذلك فأنا لا أقتنع أن القراءة هواية، وأن هناك من لا يحبذ ممارستها. فالقراءة تتعدى كونها مجرد مطالعة كتب، فالكتاب الذي لا يغير نظرتك للحياة بعد قراءته، كتاب لا يستحق القراءة.
القراءة يا أعزائي لها الكثير من الأفرع، والاطلاع على الجرائد وقراءة الأخبار المحلية والعالمية مهم بنفس أهمية مشاهدة الأخبار بل وأكثر؛ وإنه بالنسبة لي فإن الإنسان الذي لا يقرأ يفقد عمراً كاملاً من نشوة السعادة التي كان سوف يكتسبها من كل مرة يقرأ فيها كتاباً ويعيش فيه حياة جديدة.
الأيام تشبه الكتب التي أطالعها كل يوم، متغيرة بتغير فصولها؛ والموضوع بالنسبة لي ليس فقط موضوع مطالعة وثقافة، إنما طقساً يومياً ولو كان ما أقرأه مجرد تجربة إنسانية لشخص لا أعرفه، لكن على الأقل أشاركه كلماته التي كتبها من الصميم.
"تذكر أن أجمل ما في الحياة هي الأشياء أقلها نفعا كالطواويس والورود." - جان جاك روسو-
الورد، ذلك النبات الهادئ الذي يعبر عن الكثير، فهو الهدية الأنسب لكل المناسبات على اختلاف ألوانه؛ ومن الورد تعلمت أن الاهتمام لا يطلب ولا يفرض، وأن الزهو بعده ذبول، وبأنه مجرد أن نذبل فإننا نفقد قيمتنا؛ فلا تسمح لأحد أن يقطف منك ريعان شبابك؛ ولا أن يكون صديقك وحبيبك في الوقت الذي أنت فيه تضج بالسعادة والحياة وعندما تقع في مأساة ما فيتخلى عنك؛ كذلك كما أن الورد لا يطلب الماء لكنه يموت بهدوء وكبرياء عطشاً، فنحن البشر كذلك، لكن مع اختلاف جوهري أننا نملك الإرادة والقوة لنسقي أنفسنا، وأن نضع حداً لمن يقتلنا من العطش.
أجل " ما تزال القهوة أيقونة الحياة وسيدة المزاج". هذه الحبات السوداء وهذا المشروب الأسود الذي يضج بالحياة، تلك الرائحة التي ترتبط بذكريات لا تعد ولا تحصى، في كل مرة تقترب فيها من كوبك فأنت تقترب من سعادتك؛ القهوة ليست مجرد مشروب يعطي الطاقة. القهوة هي قصة حب، هي وطن، هي كل صباحتنا الآمنة، هي كل عمل وكل نجاح؛ وكل حزن وكل سعادة ..
أما عن ماذا تعملت من القهوة، تعلمت منها أن حياتنا لا تتوقف على أحد، وأن الذكريات لا تموت لكنها تتشوه؛ تعلمت منها أن بعد كل سقوط عليك أن تكون أقوى لتقف مجدداً على قدميك. أن تختزن ذكرياتك وتتجاوز الألم فيها.
تعلمت منها أن السواد لا يعني بالضرورة السيء، والبياض لا يعني الطهارة. بل إن كل شيء قادر على إكساب ذاته المعنى والوجود.
انتظروني في مقالي القادم " لا حد له". سأتحدث عن تجربتي مع البرمجة اللغوية العصبية، وصفحة الرائع "عيسى عساف". ولنا لقاء متجدد دوماً.