أخـــــلاقنا في دفـــــــتر يومــــياتنا.....!! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أخـــــلاقنا في دفـــــــتر يومــــياتنا.....!!

  نشر في 02 أبريل 2016 .

قالت لي في أسى ظاهر: لماذا أخفقت بيوتنا و مدارسنا أن تنجب لنا أناسا متخلقين يحسنون التعامل فيما بين بعضهم البعض و مع الآخرين، و لماذا لا يتعاملون بالحسنى في بيوتهم؟ و مع زبائنهم؟ و أصدقائهم؟ فما السبب في ذلك؟

ثم استرسلت في القول: ذهبت إلى طبيبي المختص، حتى اطلب منه شهادة تثبت أني أعاني من مرض مزمن، حتى أرفعها إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي، فلما قصدته و أردت أن اشرح له قضيتي، اتجه إلى سكرتيرة مكتبه و قال لها باستهزاء:" أهذه واحدة من زبائني؟ فردت عليه نعم دكتور...فدلف إلى مكتبه ثم خرج منه بعد حين و دفع الى السكرتيرة الورقة المطلوبة دون أن يوجه لي كلمة واحدة...

و قد كان في ذهني أنه سيستقبلني في مكتبه لأشرح له قضية الضمان الاجتماعي، ليعطيني الملف المطلوب بكل احترام...و ذلك وفقا لتصوري للشخص المثقف...

قلت لها لعل ألمّ به أمر، قالت لست أدري لما أحسست اليوم بإهانته أكثر...ثم أضافت قائلة: في مرة من المرات كنت جالسة مع صديقات لي و كانت معنا محامية، و إذا بها تتلفظ ببعض الكلمات و الله لو كانت امرأة غير متعلمة و لا مثقفة لعذرناها، و لقلنا عنها مسكينة إنها أمية لا تدري ما تقول...

قالت لي:" إن الظاهرة عامة، و لكني صدقا ما انتبهت لها إلا اليوم فقط، و علمت بأن المتعلم صاحب الشهادات العليا، الذي لم أتصوره ابدا عديم الأخلاق ...يمكن أن يكون كذلك ...فقلت لها: الظاهرة كبيرة و لكن لا تعممي...و استرسلنا في الحديث، فقلت لها إن الأخلاق في الإسلام ليست مقصورة على هؤلاء المثقفين و المتعلمين، و لا يتجرد منها البسطاء من الناس، و لا حتى الأمي الذي لا يعرف من الكلمة حرفا، و لا تقوم على مصالح فردية، و لا عوامل بيئية تتبدل و تتلون تبعا لتقلبات الأيام، و إنما هي فيض من ينبوع الإيمان، يشع نورها داخل النفس و خارجها، فليست الأخلاق فضائل منفصلة، و إنما هي حلقات متصلة في سلسلة واحدة، عقيدة المسلم، أخلاقه، ما يحثه عليه إسلامه و شريعته، بل هو جوهر الإسلام و لبه و هي التي تضبط لنا أساليب التعامل فيما بين بعضنا البعض...

بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق. فالرسول صلى الله و سلم يقول:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " [ رواه أحمد في مسنده ] .

و سئل صلى الله عليه و سلم : أيكذب المؤمن ؟ قال: (لا) ثم تلا قوله تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ أُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل:105).

فالأخلاق دليل الإسلام و ترجمته العملية، و كلما كان الإيمان قوياً أثمر خلقا كريما.

إذن الأمر كله يعود إلى البيئة الاجتماعية و مدى تشبعها بالروح الديني و القيم الأخلاقية الفاضلة، التي نشأ فيها هذا الطبيب، أو ذاك المهندس، أو تلك المحامية أو ذلك الأمي، فالإسلام أعطى مبادئه و أسسه و قيمه...

فقيمنا و أخلاقنا المستمدة من شريعتنا، إذا حرصنا على توظيفها في البيت و المدرسة و المؤسسة الثقافية كانت كالشجرة المثمرة التي تعهدها صاحبها بالرعاية و العناية و الاهتمام، فأتت أكلها و أنتجت له أزكى الثمار و أطيبها ...

أما السلوكيات السيئة، و التصرفات غير اللائقة، التي نصادفها عند هذا أو ذاك، فهي و إن آذتنا إلا أنها تنبهنا إلى أهمية حسن التعامل، و كريم الأخلاق...

و رحم الله سلفنا الصالح من رجال و نساء الذين كانوا يحرصون على اكتساب أولادهم للخلق الجميل أكثر من حرصهم على اكتسابهم المعارف و العلوم، و هذه العالية بنت شريك أم الإمام مالك، حينما وجهت ولدها الإمام مالك رحمه الله إلى الإمام ربيعة الرأي، قالت له:

يا بني سر إلى ربيعة الرأي و خذ عنه أدبه قبل علمه ...لأنهم أدركوا أن التعامل بين الناس في الحياة تضبطه الأخلاق قبل المعارف و العلوم... و رحم الله الشاعر الذي قال:

لا تحسبن العلم ينفع وحده

ما لم يتوج ربه بخــــــلاق


  • 2

  • أمال السائحي
    لقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...
   نشر في 02 أبريل 2016 .

التعليقات

من أروع ما يكون.
1
أمال السائحي
شكرا لك أديبتنا الفاضلة ....كلماتك وسام لي

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !




مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا