فرضية أبن خلدون :- راقصةٌ بلهاء على المسرح الأمريكي! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فرضية أبن خلدون :- راقصةٌ بلهاء على المسرح الأمريكي!

  نشر في 03 فبراير 2017 .


أرى أن هناك سذاجة كبيرة حول تعميم فرضية أبن خلدون القائلة بإن الدولة تمر بثلاث مراحل تبتديء بالمؤسسين الأشداء والتي سماها مرحلة العصبية ومن ثم مرحلة جيل العمران وهي مرحلة البناء والتحضر وتسقط على أيدي المترفين وهي مرحلة البذخ والترف والليونة. هذه الفرضية" الخلدونية " هي فكرة مستقاة من ممالك العرب التي تبدأ وتنتهي بدون أن تتجدد فيها الدماء ، ويقوم الحكم فيها على قاعدة الولاء قبل الكفاءة تلك القاعدة التي تكون سبباً رئيسياً في قيام كيانات موازية أكثر كفاءة وولاءً وأشد بطشاً وإنتقاماً وكراهية.

لأن تقريب الموالي الأحمق أو الموالي الفاسد الذي يعمل بدون كفاءة وأمانة يكون وبالاً على الدولة كما فعل مروان بن الحكم مع الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ذلك الخليفة الصالح الذي قرّب الفاسدين من بني أمية أملاً منه في إصلاحهم ولكنهم كانوا السبب اليقيني وراء مقتله حين أستغلوا مواقعهم الرسمية لتقويض دولة الخلافة إستعداداً لأقامة ملكهم المستند على مكانتهم القديمة والتي فقدوها أمام أفضلية السبق إلى الإسلام حيث ميزان التفضيل الجديد . أمام إستغلال السلطة المستندة على قاعدة الولاء قبل الكفاءة لم يمض إلا سنوات حتى أصبح مروان بن الحكم رئيس ديوان الخلافة في زمن عثمان - والمتسبب الرئيسي في مقتله - قد أصبح ثالث خلفاء بني أمية وأسس حكم بني مروان الذي أبتدأ بمروان بن الحكم وأنتهى بمروان الحمار " مع التحفظ الشديد على كلمة خليفة" .

هذا الأمر وغيره من أساليب الحكم الفاسدة وأهمها الإستئثار الكامل بكل شيء هي التي تقف خلف سقوط الدول والأنظمة وتفكك المجتمعات التي كانت ترعاها تلك الدول بسياساتها " الخائبة"!

فرضية بن خلدون هذه ستتحول إلى راقصة بلهاء على مسرح الإبداع الأمريكي، هذه الأمبراطورية العظيمة التي إسمها الولايات المتحدة تستقبل اليوم حاكمها الخامس والأربعين وهي تتصدر المركز الأول بين القوى العالمية منذ ثمانين عام، وهي التي تأسست في العام 1776م أي قبل 241 عام ، حيث بدأت دولة متماسكة داخل حدودها وأستمرت تتقوى بالعلم والأكتشافات والأختراعات ومفاهيم الحرية وحقوق المواطنين فمضت الفترة الأولى وهي فترة الموسسين وقفزت لما بعدها وهي أقوى ومن ثم إلى التي بعدها وهي أكثر قوة ومن ثم دخلت مجال التنافس الأمبراطوري وما جاءت الحرب العالمية الثانية إلا وهي تقود الأمبراطوريات العتيقة بل وتتصدق عليها من فضلات رأسمالها الضخم الذي أصبح نظاماً عالمياً، وما أن دخلت مع المنافس الروسي إلا وشنت حرباً في كل ناحية حتى وضعته في لحد التاريخ وأنطلقت تقود العالم بمفردها!

وحين نقارن هذه الأمبراطورية بالأمبراطوريتين الأموية والعباسية نجد أن الأولى عاشت قرابة تسعين عام ثم سقطت بينما الثانية أستمرت خمسة قرون منها مائة عام فترة قوة ومابعدها كان ملكاً صورياً حيث كانت الصلاحيات الحقيقية في أيدي وزراء داخل دار الخلافة وممالك خارج دار الخلافة !.

بينما نجد إن جمهورية جورج واشنطن وجيفرسون تتصاعد في سلم القوة رغم مرور قرنين ونصف على تأسيسها!

أرأيتم أن مقدمة بن خلدون- على جلالة قدرها - لاتكاد تساوي مؤخرة زنجية في بلد إسمه الولايات المتحدة حيث لايعتمد إستمرار الحكم فيها على عصبية أجداد، ولا يتسبب في ضياعه مياعة أحفاد، لأن الحكم كائن حي متغير الوجوه متجدد الدماء والحكام ليسوا ملائكة مخلدين والمؤسسات ليست مرتبطة برابطة القبيلة أو العائلة أو العصبية بل إنها وثقت إرتباطها بالأمة وأصبح " الترف " الذي كان سبب سقوط دولة أبن خلدون يسمى رغد العيش وهو معيار التقدم القائم على الإنتاج والإبداع المؤديان إلى التقدم والأزدهار وليس إلى التراجع والأنهيار، لذلك بقيت الولايات المتحدة وأستمرت وتفوقت وسيطرت بدون العودة إلى مقدمة أبن خلدون التي كتبها وهو يرى أمته تودع المجد ربما إلى الأبد مادام الحديث يخبرنا بأنه " لاتقوم الساعة إلا والروم أكثر الناس ، أو أظهر الناس" !

من الروم إلا هؤلاء!؟

نواف بن جارالله  


  • 1

   نشر في 03 فبراير 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا