______________
هل تذكر كم كان لقاءنا غريبآ !!
هل تذكر ذاك المقهى الذي يضج بالغياب ،
وفنجانك النصف منسكب على الجريدة ،
وغليونك المستعر بالإحتراق ..!
طاولتك المتزاحمة بالأوراق ،
عيناك المرتبكة بين إشارات الإستفهام ،
يداك الغائصتان في محابر الفراغ ،
كأس الماء المندى بعطش اللقاء ،
وجهك الحزين الباحث عن نور خافت ...!!
الكل منشغل بحبيبته التي سيودعها بعد قليل
النادل يترقب المغادرين ،
المدخل مكتظ بالمنتظرين ،
واجهة النافذة مغطاة بأندية المطر ،
القطار ينادي بصافرته للرحيل ،
والفتاة الوحيدة على المقعد المجاور للمحطة ..
شرائط ضفائرها تنسل و تتطاير مع رائحة الأمطار ،
كانت مشتتة الذهن ، شاردة في حقائب المسافرين ،
ترتقب أحد ما ، تنتظر ، تنفث ضجرها في وجه هاتفها الصامت ..
تحاول أن تتمالك ارتجاف جسدها داخل فستانها الأسود ،
البرد بدأ يهز ساقيها النحيلتان ،
تخفي ارتباكها بدس وجهها في حقيبتها الممتلئة بالكتب ..
ترى من ذا الذي يستحق أن تهتز بانتظاره أغصان الياسمين هذه ؟
ومن أي كوكب سقطت هنا أمامك ؟
لفتت نظرك حين لمحت دمعها يهوي على وجنتيها الورديتين ،
انتفضت دون أن تدرك مدى الجنون الذي سيترتب عليه الموقف ..
توجهت إليها ونسيت أشياءك على المنضدة ،
حملت لها استغرابك المزدحم بالأسئلة ،
جلست بجانبها تحدق بنعومة يديها ، تتفحص دمعها المتجمد في عينيها ،،
أخذت هاتفها و رميته بقوة على الأرض و حطمته ،
تنظر إليك بدهشة ، و تجهش بالبكاء أكثر ..
أمسكت يديها الباردتان ، وضممتهما إليك ،
تحسست فستانها الرقيق ،
مددت كفك إلى خصلة شعرها المبلل بالمطر ،
شممت عطره الليلكي ،
خلعت معطفك السميك و غطيت حزنها به ،
كانت تمعن النظر بوجهك المتلبد بالحروب ،
بخطوط ملامحك المثقلة بالغربة ،
تفتش عن جواب يملأ مستنقع خيباتها الذي سقطت فيه منذ عمر ،
تغمض عينيها ، تسكت صراخ حنجرتها المتعبة بكلتا يديها ، تهدأ ، تبتسم ، وتنسى الأرقام والرسائل كلها ..
تعطيك مفتاح قلبها ، وتهرع إليك كما طفلة ..
لم تتساءلا عن وجهتكما
لم تنبثا سوى بكلمة واحدة
" أحبك ..."
التعليقات
كعادتك مبدعة :)
ننتضر مقالك القادم " بالتوفيق "