زمن إدارة الأزمات... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

زمن إدارة الأزمات...

  نشر في 11 يوليوز 2017 .

يبدو أن عصرنا هذا قد تميز عن سالف العصور و الحقب، بكثرة الأزمات المعقدة التي تمور فيه مورا، و عجز إنسانه على ما أوتي من ذكاء و علم و تقنية متطورة عن حلها، و التخلص من الأوضاع الصعبة التي تفرضها على الناس أمنيا و اقتصاديا و اجتماعيا، لا يستثنى منها بلد من البلدان و لا شعب من الشعوب، ففي بلداننا العربية على سبيل المثال نعيش أزمة التداول السلطة و الحكم، مما جعل الصراع السياسي الظاهر و الخفي يشكل أزمة مستدامة غير قابلة للحل و لو على مستوى الأفق البعيد. و على الصعيد الغربي الأوروبي، قد عاد الصراع يحتدم من جديد و بدأت مؤشرات تظهر في الأفق تدل بقرب عودة القطبية إلى مسرح السياسة العالمية، فها هي روسيا التي كان تأثيرها في السياسة الدولية قد خبا و خفت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تعود كقوة مؤثرة من جديد في الأحداث الدولية، حسبما تعكسه الأحداث التي جرت في أوكرانيا و الصراع الدائر في سوريا، الذي ازداد تعقيدا بسبب التدافع الجاري بين أمريكا و روسيا، و ها هو تصويت الشعب البريطاني بالموافقة على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبعث رسالة قوية على بداية نهاية مرحلة التكتلات الكبرى و عودة الشعوب إلى عهد الدولة الوطنية و القومية في أوروبا، و ذلك وفقا لما يبدو مما يدعو له اليمين الفرنسي من ضرورة انسحاب فرنسا هي الأخرى من الاتحاد الأوروبي، و إصرار اسكوتلندا على البقاء في الاتحاد الأوروبي و لو تطلب الأمر منها الانفصال عن بريطانيا، ناهيك بما يجري في القارة الافريقية برمتها من صراعات دامية و حروب طاحنة لم تتوقف رحاها عن الدوران منذ الستينات و إلى اليوم فهي لا تخمد نيرانها فيها في منطقة منها، إلاّ لتشب في منطقة أخرى بصورة أشد اشتعالا و أكثر انتشارا، مثلما جرى في رواندا بالأمس القريب و ما يجري اليوم في نيجيريا و الصومال نذكر ذلك على سبيل المثال لا الحصر.

أما بالنسبة لأسيا فتتصدر الأحداث فيها، أزمة الجارتين الكوريتين الشمالية و الجنوبية، تلك الأزمة المزمنة التي استعصت على الحل منذ انقسامهما عن بعضهما البعض، بسبب تأثير المعسكرين الإيديولوجيين المتصارعين الشيوعي و الرأسمالي الإمبريالي، دون أن ننسى ما يجري في الفلبين و بورما و تايلاندا من صراعات عرقية و إثنية، أفرزت و لازالت تفرز مآسي إنسانية كبرى يندى لها التاريخ الإنساني برمته، من بينها معاناة مسلمي ماينمار التي ستبقى سبة في جبين المنظمات الحقوقية الإنسانية الأممية منها و المستقلة، التي لم توليها القدر الذي تستحقه من الاهتمام .

و مع ذلك نجد الساسة في كل تلك المناطق وقفوا عاجزين عن حل تلك الأزمات، و كأن عقولهم تبلدت، و ذكاءهم تبخر، و وسائلهم و أدواتهم لم تعد بذات جدوى و لا نفع.

و لا أدل على ذلك من أزمة الاحتباس الحراري التي لا تخص شعبا من الشعوب بعينه، و إنما تعم سكان الكرة الأرضية كلها، و تتهدَّدُهم جميعا بنهاية دراماتيكة فادحة، و مع ذلك مازال قادة العالم منذ سنوات و إلى اليوم يقدمون في حلها رجلا و يؤخرون أخرى، و هذا ما يدل بحد ذاته على أن عصرنا هذا بات رجاله يركزون جهدهم على إدارة الأزمات أكثر من سعيهم لحلها، و إلا كيف نفسر بقاء أزمة فلسطين و كوريا و الصحراء الغربية* و الصومال بلا حل كل هذه العقود...؟


  • 2

   نشر في 11 يوليوز 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا