الطريق السابع إلى قصر غمدان(2) - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الطريق السابع إلى قصر غمدان(2)

الجزء الثاني والأخير

  نشر في 22 أكتوبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

لا تعلم "زويا" لما صدقت تلك العجوز اليهودية، ربما لأنه لا يوجد أمامها خيار آخر، حيث أن الرصد ليس بالأمر السهل، كما أنها لا تملك الوقت الكافي، هكذا هي الحياة تظهر فيها أمور بشكل مفاجئ قوتها تشبه نيران الحروب، يضطر المرء أن يقابلها بأعمال جنونية.

عادت "زويا" إلى  منزلها، وضبت ثيابها في الحقيبة ثم أخذت الأوراق اللازمة للسفر  لتستعد الرحيل إلى الطائف، وقبل خروجها من المنزل كتبت لأمها رسالة وعلقتها على التلفاز وكان محتواها ما يلي:( أنا أسفة يا أمي لأننا سافرنا أنا وهبة إلى لبنان ولم نأخذ رأيك، ولو فعلنا ذلك لن تقبلي بأن نشارك في الثورة والمظاهرات اللبنانية مع الحركة الطلابية في الجامعة، لا تقلقي سنعود بعد سبعة أيام، واعتذري نيابة عنا من جدتي). رأت "زويا" أن هذه الكذبة أهون على قلب أمها من قول الحقيقة.


شهد جسر الأردن أزمة خانقة، جلست "زويا" تراقب عقارب الساعة بتوتر شديد لأن الثانية في هذه الأثناء لها قيمة بالنسبة لها، ولا يوجد شيء يؤنسها، كما لم تجد شيء يخفف عنها مرارة العزلة والانتظار.

وأخيراً وصلت الطائف بعد تعب شديد، بدأت برحلة البحث عن الرجل المدعو "سيف ذي يزن"، وبعد بحث دام يومين استطاعت معرفة مكانه، وقد وجدته يعيش في بيت قديم تعم به رائحة الرطوبة... طرقت عليه الباب ولكن لا أحد يجيب ثم عادت الكرة مرتين وثلاثة ولكن نفس النتيجة، جلست أمام المنزل وأسندت رأسها على الباب، أخذت تقاوم اليأس من سحقها، ثم غافلها  النوم  لبعض الوقت.

جاء صاحب المنزل وقام بإيقاظها وما إن فتحت "زويا" عيناها أخذت تتوسل إليه ليساعدها.

أشفق عليها وأدخلها المنزل وقبل جلوسه روت له "زويا" ما جرى معها، فقال لها: حسناً هدئي من روعك، اجلسي هنا وسأقوم بتحضير مشروب الزنجبيل ثم سأحدثك عن "قصر غمدان".

وضع "سيف" كوب الزنجبيل على الطاولة ثم قال: اسمعيني جيداً يا ابنتي إن "قصر غمدان" كان من العجائب السبعة في العصور القديمة، تم تصميمه بطريقة هندسية عجيبة، إنه أطول من برج إيفل الباريسي، حيث كان يتألف من عشرين طابقاً وبين الطابق والآخر مسافة عشرة أذرع، مصنوع من البوفير والجرانيت والمرمر، كما كان  مخصصا لإقامة الملك، وأخر ملك عاش فيه هو جدي "سيف ذي يزن" السابع عشر، وقيل أن "سام ابن النبي نوح" هو الذي بناه عندما أختار اليمن مكاناً له بعد الطوفان الكبير، أما "بن كثير" قد قال في كتبه: أن "يعرب بن قحطان" هو الذي بنى القصر وأكمله بعده "وائل بن حمير بن سبأ" وقد تبنى هذه المقولة أيضاً "ابن هشام"، وهناك بعض المؤرخين قالوا أن باني القصر هو الملك السبئي "ايلي شرح".

قدم "سيف" التمر لزويا ثم قال لها: هناك مقولة للخليفة عمر بن الخطاب قال فيها: (لا يستقيم أمر العرب مازال فيهم غمدان)،  وقيل أن هذه المقولة هي التي جعلت  "عثمان بن عفان" يأمر بهدم القصر .


أما عن روايات بعض المؤرخين المسلمين فقيل أن "قصر غمدان" هُدم بأمر من الخليفة "عثمان بن عفان"، ثم تم العثور على قطعة خشبية في القصر مكتوب عليها بالحميرية (ما سلم غمدان هادمك مقتول)، ولما هدمه "عثمان بن عفان" قُتل.

قالت له "زويا": ولكن كيف ذلك! كيف كان هذا القصر سبباً في قتله، رد عليها "سيف" قائلاً: قيل أن القصر كان يحتوي على رصد من الجن وعندما تم هدمه انتقموا الجن من هادمه بتحريض قتلة عثمان لقتله.

وهناك مقولة "لابن الكلبي"  يقول فيها: أن كل ركن من أركان قصر غمدان كان مكتوب عليه باللغة الحميرية (اسلم غمدان معاديك مقتولا بسيف العدوان). والله أعلم يا ابنتي.

وضعت "زويا" كوب الزنجبيل على الطاولة ثم قالت: يا إلهي لماذا لم نأخذ هذه الأحداث في المدارس والجامعات، ولكن الأمر الأهم الآن كيف لي أن أصل إلى باب القصر.

قال لها:  هُدم كل شيء بالقصر إلا أبوابه وقد بني على آثاره  "الجامع الكبير" بصنعاء،  وأبواب الجامع هي  نفسها أبواب القصر.

نهضت "زويا" لتذهب سريعاً إلى اليمن  فلم يبقى أمامها سوى أربعة أيام لتنقذ بها "هبة" من لعنة الرصد.

وفي طريقها إلى الشارع السابع  في اليمن غفوت في الحافلة.

زويا... زويا... هيا استيقظي هيا.

فتحت "زويا" عيناها وإذ بهبة توقظها من فوق رأسها قائلة: ما هذا الكسل يا "زويا" فقد تأخرتِ على محاضرة الساعة الثامنة، ولكن لحظة من غمدان هذا الذي كنت ترددينه أثناء نومك.

نهضت "زويا" وبدأت تفرك عيناها ثم قالت: ماذا ! كل هذا كان حلماً، يا إلهي كأنه حقيقة ثم احتضنت هبة بقوة.

قالت لها هبة: ما هذا الحب المفاجئ بماذا كنتِ تحلمين ... حسناً  ستخبريني لاحقاً،  تأخرت على المدرسة ولا تنسي أن تمري علي  لنذهب إلى بلدة " النبي صموئيل"  فاليوم هو الخميس موعد اجتماع العائلة الاسبوعي في بيت الجدة.

في الطريق إلى بيت الجدة دار بين الأختين الحوار التالي:

"هبة": ما رأيك يا "زويا" أن ننزل من التكسي قبل أن يصل إلى بيت جدتي فالجو ربيعي جميل لنتمشى قليلاً.

"زويا": ولكن يا "هبة" الطريق ليست آمنة.

"هبة" لن يحصل شيء ، كما أنني أشعر بالملل.

"زويا": حسناً، ثم تذكرت  أنها قد رأت هذا الحوار في منامها فابتسمت ابتسامه مبهمة.

نزلا الأختين وبدأ يتمشيان مستمتعات بالهواء الجبلي.

أثناء مشيهم أحنت "زويا" رأسها لتقوم بربط حذائها المنحل.. وما إن رفعت رأسها إذ بها تجد "هبه" تركض،  فقالت لهابصوت مرتفع: توقفي يا "هبة" إلى أين.

ردت عليها هبة من بعيد قائلة:  رأيتُ قطة تنزف سأجلبها.

قالت  "زويا" بصوت يملئه الصراخ:  لاااا توقفي.

ملاحظة: ما تم ذكره عن قصر غمدان ليس من وحي الخيال، بل  حقائق رواها مؤرخين اسلامين في كتب التاريخ والأثار.






  • 8

   نشر في 22 أكتوبر 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

ward ward منذ 4 سنة
رائعة
0
samah منذ 4 سنة
دائماً تمتعينا بقصصك الرائعة سهام
إستمتعت كثيراً ، هل يمككنى أن أعلم أين توجد هذه القصص وفي أي كتب ؟
2
سهام السايح
شكرا لك عزيزتي ... القصة هي من وحي خيالي ولكن ما تم ذكره عن مواصفات القصر ومن عاش عليه قد اخذته من مؤرخين اسلامين الذين ذكرتهم بالقصة
samah
أشكرك سهام

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا