اكتشفت مؤخراً علاقة غريبة وعجيبة بين كلمتين نستخدمهن بشكل كبير في لهجتنا اليمنية وواحد من أخطر الاضطرابات النفسية.. الكلمة الأولى، هي: (الكبِر- من المكابرة وليس من التكبر)، والثانية هي: (القِمِر- بكسر القاف والميم، من المقامرة).. أما الاضطراب، فهو: (اضطراب الوُهَام) (Delusional Disorder)..؟!

..

بالرغم من تصنيف الوُهَام بأنه اضطراب نفسي، إلا إنه في حقيقة الأمر اضطراب عقلي، لأنه يصيب أفكار ومعتقدات الشخص عن نفسه بالنسبة الى ما يحاول إيهام الآخرين به عن نفسه أيضاً؛ فالشخص المضطرب بـ الوُهَام يتعمد دائماً إيهام الآخرين بـ: (فكرة أو صورة غير حقيقية عن نفسه).

..

المشكلة ليست في إن هذا الشخص يحاول إيهامك، لأن محاولاته غالباً فاشلة نظراً لسهولة اكتشاف الأمر، وقصر عمر الأوهام المصطنعة- لا تصمد أكثر من شهر- ومع ذلك يظل يتعامل معك بنفس الطريقة ويوهم نفسه بوهم آخر وهو إنه قدر فعلاً يوهمك ويخدعك، وبأنك فعلاً صدقت أوهامه، ومع الوقت واستمراره في الأمر هكذا.. يبدأ يتمسك بأوهامه المركبة بالرغم من معرفته بأن كل شيء غير حقيقي..؟!- ومع التقدم بصحبة هذا الاضطراب.. تصبح حياته أشبه ما تكون بـ فقاعة من الأوهام، كونه بالأساس لا يوهم أحد غير نفسه.

..

هذا الاضطراب له أنواع مختلفة، من السهل جداً رصدها في الآخرين، مثل: وهام السيطرة، وهام التهديد، وهام الاضطهاد، وهام الزعامة، وهام الصلاحية للزعامة، وهام الهوس وعشق الذات، وهام المعشوق، وأنواع كثيرة بسبب كثرة الموضوعات..؟!- وبالرغم من سهولة تشخيص هذا الاضطراب، مازال أمر خفضه ومعالجته حيادياً من جهة الطب النفسي أمر بالغ الصعوبة وربما متعذر تماماً، وكل العلاجات المتاحة حالياً تشترط توفر قناعة المريض ورغبته في العلاج.

..

أدق وأعنف تعبير قرأته في تشخيص هذا الاضطراب، هو: إنك- كمضطرب بالوهام- تجعل من نفسك وحياتك كلها مجرد وسيلة ميكافيلية للوصول الى الـ (لا شيء)..!!- وفي الوقت نفسه تظل تصطدم بأوهامك وتعترف بحقيقة فشلك وعجزك ويأسك وضعفك، وتعاني بشدة من هذي الاصطدامات..

ومع ذلك، تستسلم من جديد، وتعود لصناعة الأوهام، بينما الآخرين من حولك ينظروا لك بعين الاستخفاف أو الشفقة..!!

..

من الآن وصاعداً، إحذر القمر والمكابرة على نفسك، وإحذر من نفسك على نفسك..!!

..

#لغويات_عابرة_للاختصاص