لا تستغرب من السؤال، أنا أعرف أنك قاتل!!

لا تحاول أن تبرر أو تبرئ نفسك... 

سنوات طويلة مرت وأنت تقتل، تقتل حتى المقربين إليك، أصدقائك وإخوتك وأقاربك.

هل تذكرين عندما جائتك صديقتك تخبرك عن رغبتها في بدء مشروع تجاري بسيط، فكان ردك عليها: هل جننت؟ كيف لك أن تفعلي ذلك وأنت بلا خبرة في المشاريع التجارية؟ سوف تفشلين بكل تأكيد، انسي هذا الهراء... هل تذكرين؟ لقد قمت بقتلها يومئذ.

هل تذكر عندما أخبرك صديقك أنه يريد تأليف كتاب؟ هل تذكر ما قلته؟ قلت له: وماذا لديك لتكتبه؟ وماذا لديك لتفيد الناس به؟ وكيف ستكتب بأسلوبك الركيك الذي كنت تحصل به على سلسلة أصفار في مادة التعبير والانشاء؟... لقد قتلته حينها.

هل تذكر عندما أخبرك ابن أخيك الصغير أنه يريد أن يصبح عالم فيزياء ويحصل على جائزة نوب؟ ربما لم تقل شيئا ولكنه حتما سمع ضحكتك المدوية، وها أنت قد قتلت شخصا اَخر.

لن أسارع لاتهامك بأنك "حقود حسود لا تحتمل رؤية الاَخرين وهم ينجحون ويحققون طموحاتهم فتعمد إلى قتلها في مهدها قبل أن يبدؤوا خطوة واحدة". لعلك ربما تفعل ذلك دون وعي أو دون قصد منك، أو ربما تفعله بحسن نية أو من باب النصيحة والخوف عليهم ولكن هذا لن يغير من الأمر شيئا.

نعم، لعلك قضيت حياتك كلها تقتل. لعلك أكثر سوءا من القاتل المتسلسل.

تسمية هذه الأفعال ب"القتل" ليست مبالغة، ولو وجدت شيئا أسوأ من القتل لقمت بتسميتها به.

ماذا يتبقى للإنسان عندما تسلبه أهدافه وطموحاته؟ إنه يستحيل حينها إلى جثة، تتحرك تتنفس نعم، لكنها بلا روح !!

أصبحنا نستمتع بفعل ذلك على مايبدو، نستمتع بمشاهدة طموحات الاَخرين تتحطم وتذبل، صار القتل هواية شائعة ومحببة عند الكثيرين و يمارسونها بشكل يومي. 

اطمئن، هذا النوع من القتل لا يعاقب عليه القانون ولا يوجب أي متابعة قضائية.

إن كان ضميرك يؤنبك الاَن، فاسمح لي أن أخبرك أن هذا النوع من القتل بالذات ليس نهائيا. أعني أنه يمكنك إحياء هؤلاء الأشخاص وإصلاح خطئك وبنفس السلاح الذي قتلتهم به: الكلمات.

تذكر: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) 

كنت دائما أفهم هذه الاَية على إنها إشارة لبث الأمل في قلوب الناس، تشجيعهم ومساعدتهم... فأنت لا يمكنك أن تحيي شخصا ما من الموت فعليا، الله وحده من يستطيع فعل ذلك، ولكن يمكنك أن تحييه معنويا. 

كم مرة إذن، منحت الحياة لشخص ما؟ 

لا يحتاج الأمر الى أدوية، عقاقير، أو تعاويذ سحرية!! فقط كلمات تشجيع بسيطة.