هل يوجد بديل للحرب
نعم يوجد بديل للحرب وأنا على يقين بأنه يوجد بديل للحرب ومن يقول غير ذلك فإنه إنسان يدعوا للقتل والإغتصاب والسلب والنهب والنكبات، ودعوته هذه ليس فقط ضد العدو ولكن أيضًا ضد أبناء شعبه أو طائفته أو ملته. والحروب مهما كانت شراستها ومهما كانت قوة المعتدي أو المعتدى عليه، لا تغير شيئًا. وعند التفكر والتمعن بالحروب التي طُبِّلَ لها على على مدار التاريخ على كوكب الأرض منذ نشأة الحياة لم تغير شيئًا، ولا يوجد فيها منتصر سوى أنها أزهقت حياة العديد من المحاربين وغير هم من الضعفاء، النساء والأطفال وعدى ذلك التأثير على الطبيعة وجلب السلبيات إلى كوكب الأرض.
فالأندلس لم تبقى أندلس والدولة العثمانية أختزلت في تركيا وبريطانيا العظمى خسرت كل مستعمراتها وفرنسا إنسحبت بعد القتل والإجرام والتخريب من الجزائر ومستعمراتها الأخرى وألمانيا الهتلرية لم تحقق مطامعها في الإسيلاء على أوروبا والعراق والخليج وإيران والحروب التي أنشأوها لم تحقق ما كان يصبوا إليه كل طرف، وحروب إسرئيل التي خاضتها ورغم إنتصارها فيها لم تحقق كل ما تصبوا إليه رغبتها. وكل هذا ولم يتوقف ساكن كوكب الأرض في صناعة الأسلحة وتطويرها لتكون أشد فتكًا بالبشر، وإقياع أكبر عدد ممكن من القتلى والجرحى واليتامى وتلويث البيئة حتى لا يكون كوكب الأرض صالحًا للحياة. إن هذه الأموال الطائلة التي بعثرت ومازالت تبعثر على صناعة السلاح وتطويره، لو أستخدمت في تطوير حياة الإنسان ورفاهيته ومأكله ومشربه والإهمام بمتطلباته لما يعاد لنا أن نرى أناسًا وشعوب تعاني القهر والفقر والعذاب.
والسؤال المطروح هنا ما هي مسببات الحروب؟
1.في إعتقادي السبب الرئيسي هو أن هناك قادة تتوغل في نفوسهم عقد وأمراض نفسية وبهذا يحاولون التغلب على ما يدور في نفوسهم المريضة، للإثبات بأنهم أشخاص أقوياء يستطيعون تحقيق ما يصعب على الأخرين تحقيقه، وأنهم هم حماة الشعوب . وهؤلاء القادة يبنون حولهم حلقة دائرية مغلقة من الأشخاص وهو عدد لايستهان به للأسف ليساندونهم في بث الأفكار السامة وقيادة الدعاية والإعلام للتأثير على الناس للإنضمام لهذه الحروب.
وهؤلاء القادة ليسوا فقط في الدول ذات النظام الشمولي أو العائلي بل أيضًا تواجدهم في الدول الديقراطية عن طريق الأحزاب التي يتبعونها ويلاقوا التأيد إذا كان القائد على خطأ أو صواب.
في إعتقادي لم أرى في التاريخ المعاصر سوى رجلان وهما غاندي ومانديلا وهما اللذان وقفا في وجه الحروب.
2. الأديان ورجال الدين والقوميات:
الأديان والقوميات كانت محرك كبير لنشأة الحروب ، وذلك لغياب التسامح والإعتراف بالآخر، وإدعاء كل طرف بأنه هو الأحق في الحياة بسبب إنتمائه لدينه أو قوميته وله الحق في الحياة الكريمة والرفاهية ومن ثم يحق له إضهاد أو قتل أو إحتلال أو إغتصاب أو سبي الآخر.
رجال الدين يلعبون دورًا كبيرًا في التأثير على الناس والشعوب بصفتهم حماة الدين وهم خلفاء الله على الأرض ، وهم يعملون حسب مصالحهم الشخصية ويدعمون الذي يدفع أو يمول أكثر، فعلاقة رجل الدين والحاكم هي علاقة مادية ممزوجة بمنصب لرجل الدين من خلاله يريد أن يسلط الأضواء على نفسه بأ نه رجل مهم. ورجال الدين كما عهدناهم يقدسون الحاكم أكثر من تقديس الله والتاريخ حافل بهذه الأمور وسميناهم بلغتنا العربية علماء السلطان، فلا أعتقد أن يوقف رجل دين في وجه الحاكم ويقول له أنت تسير في إتجاه خاطئ، لأن ذلك سيغلق عليه ينبوع مالي، وسيفقده زعامة وهمية ووقوفه أمام عدد لا يستهان به من الناس ليستمعوا له بإنتباه.
3. جهل الناس والشعوب وحبهم للمال وتقديسهم للحاكم، جعل الحاكم أن يتخذ قرار الحرب بدون الرجعة إلى أحد. فعندما يسمع الرئيس الشعوب المدلسة تهتف له بالروح بالدم نفديك يا فلان ويطلقون عليه ألقابًا خيالية لم نسمعها من قبل لتمجيد شخصه، فيصاب بالغرور ويثق بنفسه بأنه الأذكى والأقوى ولذا يقرر بنفسه لنفسه ولغيره. وحب الناس للمال مستعدون أن يقدسوا الملك أو الحاكم ومستعدون للتضحية بأرواحهم من أجل أن لا يغلق هذا الباب الذي يدر المال. فالجيوش في عصرنا هذا مركبة من أشخاص يعملون بأجر يتدرج تدريجيًا من جندي إلى ظابط إلي عقديد ...إلخ، وهو في النهايه مضطر للمشاركة في الحروب ولو لم يكن راضٍ عنها لأن هذه هي مهنته فلو خالفها لا يحترم لرأيه بل يعزل وربما يعاقب أو يعذب أو يقتل.
وأخيرًا وليس بآخرٍ ، علينا أن نجد بديل للحروب ونسعى لوقف نزيف الدماء والقتل والتطرف وأن يحترم كل منا الآخر وندعوا للسلام والتسامح، وكل إنسان خطاء ونحن لسنا ملائكة على الأرض ، فلا بد من تصيحيح أخطائنا وأن نكون نموذج للآخرين حتى يلحقوا بنا إلى الرشد والسلام.
أتقبل النقد البناء الأخلاقي
إن العلم لا ينفع وحده مالم يتوج ربه بخلاق
تقبلوا بفائق الإحترام تحيات
خالد عبد اللطيف
-
خالد عبد اللطيفالأخلاق والتواضع من أسمى ما يوصف به الإنسان