حول علاقة اليمنيين القدماء بالأديان السماوية
نشر في 23 ديسمبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
حول علاقة اليمنيين القدماء بالأديان السماوية، وخاصة اليهودية، لاحظت أن البعض يفهم والبعض الآخر يعتقد أن اليهود جاءوا من خارج المنظومة الاثنية اليمنية، وأنهم هم من سيطروا أو اقاموا مملكة حمير – كونها أعلنت اليهودية ديناً رسمياً لها في العصر الحميري المتـأخر- وهذا ليس صحيحاً..
الحقيقة هي أن اليهودية كانت مجرد دين اعتنقه بعض اليمنيون وليس أن اليهود في اليمن كانوا من جنس آخر.. فقد كان اعتناق بعض أهل اليمن للعقيدة اليهودية استجابة لقرار سياسي- على طريقة: (الناس على دين ملوكها)..!!
بيد أنهو في عصر رسمنة الدين اليهودي بالذات في اليمن، لم تفرض اليهودية على كل اليمنيين، بل ترك الأمر لما كان عرفاً قائماً آنذاك، وهو حرية العقيدة، لذا فقد كانت المسيحية والرحمانية التوحيدية وأيضاً العقائد اليمنية الأخرى ذات الطابع الوثني موجودة في نفس الوقت معاً، فلم يحدث في تاريخ سبأ وحمير أن سادت ديانة واحدة.. وذلك لأن اليمنيين اقاموا اعتباراً لحرية العقيدة وجعلوا أساس وحدتهم السياسية والحضارية قائماً على الأرض المشتركة والمصالح التجارية والاقتصادية..
اليهودية في اليمن تم رسمنتها بقرار سياسي من الملك يوسف اسار (ذو نواس)، ورغم هذه الرسمنة لم تلقى انتشاراً كبيراً.. لأنها كانت معروفة أساساً قبل ذلك العهد، ولكن نزوع اليمنيين الى العقيدة التوحيدية جعلهم ينظرون إليها بعين الريبة والشك، نظراً لتأثرها المتزامن آنذاك بالعناصر الاشورية والبابلية..
لقد كانت الرحمانية الحميرية اساساً تصحيحياً لكل من اليهودية والمسيحية، فعندما اعتنق اليمنيون الديانتان، حافظوا على جوهر عقيدة الرحمانية بل واضافوه وجعلوه جوهراَ لكل منهما.. فالرحمن هو اله من اعتنق اليهودية والرحمن هو الإله عند من اعتنق المسيحية..
هذا يعني أن اليمنيين لم يأخذوا الديانتين كما هما، بل جعلوا من عقيدتهم الرحمانية معياراً لقبولها او رفضها، فإن وافقته قبلوها وان خالفته رفضوها أو اضافوه اليها..
نفس الأمر عندما ظهر الاسلام، اعتنقه اليمنيون طوعا لما وجدوا أن القرآن المكي بأكمله يحتفي بذكر الإله الرحمن، اكثر من ذكره اسم الله، حتى أن قريشاً والأعراب سألت النبي هل الهه هو الله أم الرحمن .. فجاء الجواب من السماء بأن نزلت الآية التي تقول بمعناها (وقل ادعوا الله او ادعوا الرحمن).. فكلها اسماء لله..
خلاصة الأمر - فيما أراه هنا- هو أن علاقة اليمنيين بالأديان كانت معيارية وليست اتباعية محضة.. فقد كان لدى اليمنيين معياراً في التحقق من صدق الرسالات السماوية.. وهو مدى اخلاصها لمبدأ التوحيد.. خاصة في الفترة الممتدة منذ القرن السابع قبل الميلاد وحتى عصر ظهور الاسلام.
..
-
فكري آل هيرمواطن لا أكثر ..