وا شوقاه.. لندرة الكتب!! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وا شوقاه.. لندرة الكتب!!

  نشر في 27 شتنبر 2019 .

قرأت كتبا كثيرة جدا على أجهزة الكومبيوتر المحمولة (اللابتوب) وكانت على ثقل حجمها وقتها، أعتبرها فتحا ربانيا، وقفزة كبيرة إلى الأمام..

"المكتبة الشاملة" وحدها كانت مرتعا لا يمل.. وكنت أقرأ فيها ما شاء الله لي أن أقرأ.. لكن الكارثة الحقة أنه كلما تعمقت علاقتي بالكتاب الإلكتروني على صيغ إلكترونية شتى، بدأت علاقتي بالقراءة تضعف وتتصرم . وكلما حملت كتابا وفرحت بتملكه أخيرا، تحسرت بعدها عليه وعلى عشرات الكتب التي حملت ولم أقرأ.. أيام ندرة الكتاب كنت متعلقا بالكتب.. قل أن تقع يدي على كتاب إلا وقرأته من الغلاف إلى الغلاف.. وإن لم يسعف الثمن أو الزمن، فأحاول أن أن أقطف منه ما أمكن.. إيه، يا زمن!!

في الحقيقة نحن نقرأ، نقرأ كثيرا جدا.. تتهجى أعيننا ملايين الحروف، تحمل كما متفاوتا من غزارة المعلومة، وقد قال الضبع يوم وقف على النهر وقد قرم إلى اللحم، وأضناه الجوع: "هذا من الماء لا يخلو المرق" فطفق يشرب من الماء ويعل.. حتى سقط لا يجد للماء مسلكا. وتلك قصة مستملحة، في الموروث الشعبي الموريتاني أو "المجال البيظاني" من قصص محكية على ألسنة الحيوانات.. والضبع أو "كابون" بقاف معقودة، متهم عندهم بقلة العقل، والتسرع. لقد ماعت القراءة، وأصبحنا ننفق وقتا كثيرا جدا في عملية تقليب الألحاظ في صفحات أجهزتنا التي أخذت من ذكائنا الكثير، وأعطتنا من بلادتها الأصلية أكثر.. وقد فشت الكتابة أو "القلم" في الناس وقل العلم. كثر المتعلمون وقل العلماء.. 

لقد كانت كذبة كبرى ووهما أكبر.. يوم تصورنا أن هذه الأجهزة اللوحية ستنوب عن الكتب. لقد أصبحت سورا يفصل بيننا مع الكتاب.. وشتان بين السور والجسر وإن كان كل منهما جدارا من طوب. إننا ننفق ساعات طويلة ونحن منخطفون لإدماننا على هذه الأجهزة، ونحن نقرأ.. نقرأ..، حتى لا نجد الوقت للقراءة.. لا نجد الوقت لقراءة ورد القرآن، ورد القراءة في الكتب.. حرمنا التجول في روحانيات الدين وفائض عقول العقلاء.. لذلك ستجد أثر نقص القراءة ومجالسة العقلاء في هذه العشرية المبتلاة بشبكات التواصل الاجتماعي، وأي تواصل هذا الذي ساوى الناس ليس في الحقوق والواجبات؛ كلا، إنما ساوى الجاهل مع العالم في تخصصه، أما أنصاف العلماء، أما المتفيقهون، أما الرويبضات؛ فقد خلا لهم الجو وأصبحوا منظرين ولهم أتباع!!

غفر الله لوالدينا، ومعلمينا.. لقد أثثقلوا كواهلنا بحكم شعرية ونثرية.. المستمسك بها في زماننا السيء أهله كالقابض على الجمر.. يناسب المقام منها قولهم:

أمارة الغي أن تلقى الجميع لدى ** الابرام للأمر، والأذناب أقتاد

والبيت لا يبتني إلا له عمد ** ولا عماد إذا لم ترس أوتاد

فإن تجمع أوتاد وأعمدة ** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ** ولا سراة إذا جهالهم سادوا

تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت** وإن توالت فبالأشرار تنقاد

إذا تولى سراة الناس أمرهم ** نما على ذاك أمر القوم فازدادوا

عودٌ على بدء: لقد كنت في بدايتي مع القراءة لا أقرأ إلا قصص وأخبار العرب، ثم عكفت على السيرة النبوية، ثم ألف ليلة وليلة ثم تعرفت على عالم القصص والروايات.. رحلة طويلة، انتهت بي إلى أن اختار "التخصص في المطالعة".. فقد كنت أنتهي من قراءة كتاب في الأدب لأقرأ كتابا في الفقه أو الفكر الإسلامي ينسيني أو يطمر كل ما قرأت في الكتاب الأول. لذلك.. مكثت فترة من الزمن لا أقرأ إلا في فن واحد. تجربة كان لها فوائد وسلبيات.. لست في معرض تعدادها. ومع أني كنت أتعرض بين الفينة والأخرى لفتور وانقطاع، إلا أنني كنت أنشط دائما للقصص والمذكرات وكتب التراجم.. وها أنا اليوم أجمع في ذاكرة هاتفي هذا كثيرا من القصص وكتبا فكرية جزلة، ومذكرات.. إلا أن شهيتي للقراءة لم تعد مثلما كانت.. فمن يدلني اليوم على كتاب شيق، يعالج ما أصابني من خمول؟


  • 3

  • سالم
    إنسان يسعى بكده ليحصل على لقمة العيش، وبالمطالعة على متعة ال... عيش!!
   نشر في 27 شتنبر 2019 .

التعليقات

هدوء الليل منذ 5 سنة
جميل جدا . مقال به فكرة مفيدة . تحياتي
1
سالم
تحياتي لك واحترامي..
Dallash منذ 5 سنة
احسنت اخي سالم ..شخصيا لا أجد أي متعة في قراءة كتاب على اللوح الالكتروني..موضوعك رائع دام المداد ودام عطائك
3
سالم
بارك الله فيك وجزاك خيرا
Dallash
تحياتي ..اين أنت مما اكتب
سالم
إذا كنت فهمت سؤال، أقول: تعجبني كتاباتك.. وأنا أحاول أن أستفيد منها
Dallash
نحن نستفيد من خبرات بعضنا ..بارك الله فيك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا