أفضل الطرق إلى التميز

لم تكن علاقتي بطب العظام سهلة أبدا.

في بدء حياتي الطبية كان ثمة سؤالان يؤرقاني كل يوم؛ الأول: ما الذي سأضيفه إلى ما تم قبلي في المؤسسات الطبية سواء مستشفيات أو مراكز طبية متقدمة، وكان هذا الإحساس تحول إلى "حافز داخلي" حين أقرأ عن تكريم دكتور استشاري في مجالات طب العظام. كيف لي أن أبدأ، وأن أتفوق، وأتميز، وأحصل على لقب افضل دكتور عظام في الرياض. السؤال الثاني هل هو قادر على التأثير حقاً؟ ولكن ما جعله يفكر في ذلك هو فوز صديقه بجائزة افضل دكتور عظام في جدة، بعد أن أعلنت المؤسسة المعنية بهذه الجوائز عن أسماء الفائزين بجوائز دورتها السابعة عشرة للإبداع الطبي في مجال طب جراحة العظام ، لفئتي المخضرمين والشباب. حيث تتوزع فروع الجائزة بين أفضل دكتور عظام وأفضل ممرض وأفضل صيدلي إلى جانب الجائزة التكريمية لمن تقاعدوا من هذه الفئات الطبية. وسيتم تكريم الفائزين في المهرجان السنوي الذي تقيمه المؤسسة. ونظمت هيئة تطوير مهنة الطب، اليوم، لقاءً مع 50 دكتوراً من أفضل الأطباء الذين رشحتهم المؤسسات التي يعلمون فيها، ليتنافسوا على جائزة أفضل دكتور عظام في المملكة وكان حضر اللقاء الأطباء المتميزون المرشحون لذلك، والطبيبين اللذان كانا في العام الماضي من بين أفضل 50 متنافساً من مختلف المؤسسات الطبية بالمملكة.

وفي كلمتها، رحبت مسؤولة هيئة تطوير مهنة الطب، بالحضور - كنت منهم-مؤكدة استعداد الهيئة للإشراف على تقديم الدعم والمتابعة، معربة عن فخرها بهذه النخبة من الأطباء الذين يوجد مثلهم الكثير في الميدان لكن عليهم أن يبرزوا تميزهم ويوثقوا أعمالهم، فالدكتور المتميز هو من يعرف نقاط القوة والضعف في طريقة تشخيصه ووصف العلاج، واختيار أحدث الطرق لجراحة العظام، والتمتع بأعلى مستوى من الأخلاق الطبية التي تعكس رسالة الطب وثقة المواطن بالدكتور والمؤسسة التي يعمل بها. ولقد أعادت كلمات مسؤولة الهيئة إلى ذاكرتي، الكلمة التي ألقيتها في حفل التخرج بالجامعة. "جئتكم باسم كل زملائي. نقسم بالله العظيم الوفاء للمهنة وللمريض ونحافظ على حياته وأسراره. أنا الدكتور قد تخرجت ومعي كوكبة من الزملاء. تخرجنا من كلية الطب بعد عناء وتعب سنوات سبع ثقيلة علينا وعلى ذوينا. أمنا سنوات أخرى من التدريب والسهر والمناوبات والعمليات والمرو على المرضى في الأقسام والعيادات الخارجية، سنتحمل "لاحقاً" مسؤوليات أخرى. الزوجة والأولاد، المهمة ليست سهلة ولكنها واجب وطني وأخلاقي. سنبذل كل الجهد من أجل صحة مرضانا وسلامتهم وسلامة مجتمعنا وسمو مملكتنا."

في هذا اليوم يمكن لي أن أقول أنني امتلكت القدرة على التنافس للفوز بالجائزة، وأنني، في ظني، قد وصلت إلى ما أريد أن أصل إليه،؛ أي المهنية والتميز معاً. ولعل شعوري بهذا الإنجاز كان، ربما، العامل الحاسم الذي حسم علاقتي بالطب وجراحة العظام تحديدا، وجعلها علاقة قوية،؛ فجرت طاقاتي بجانب العائد المادي الكبير، وشهرتي في المجتمع، وأبحاثي العديدة، ونجاحي مع الكثير من المرضى المصابين بالكسور المعقدة والحالات الطبية النادرة. وأنا أؤمن أن الابداع والتطور الطبي وخاصة في عصر التكنولوجيا بلا حدود. رغبتي بالحصول على لقب أفضل دكتور عظام في الرياض، تحتاج مني الكثير من العمل، والتدريب المستمر ومتابعة الجديد في تخصص العظام، وحضور المؤتمرات والأيام العلمية وورشات العمل الخاصة بآخر ما وصل له العلم في هذا المجال. وهذا يستدعي تنظيم الوقت ووضع خطة استراتيجية وأهداف مرحلية، ومتابعة مستمرة. النجاح يبدأ من داخلنا ونبنيه بسواعدنا وعقولنا وانتماؤنا لمجتمعنا، وفي النهاية يجب الإيمان بأن كل شيء بيد الله وأن الله لا يختار لنا إلا الخير، فحسن التوكل عليه يساعدنا؛ بالتقدم في حياتنا وعملنا ونحقق ما نصبو إليه، ونخطط له.

ولقد سعدت جدا بالاطلاع على جزء من كتابات "طبيب مثابر"، ووجدت أنها تناسب رغبتي في التميز، ومما كتبه ذلك الطبيب: "إن مهنة الطب مهنة انسانية فليس من السهل أن تصبح طبيباً، فهناك العديد من الأشخاص الذين تعبوا وعانوا حتى ينهوا دراستهم في كلية الطب؛ إلا أنّ القليل منهم يتميّزون ويحققون ناجحاً باهراً، فالطبيب الناجح يجب أن يتحلّى بمجموعة من الصفات وأهمّها الإنسانية. النية: على الطبيب منذ البداية أن ينوي عمله لله تعالى. التواصل مع الناس: التواصل مع جميع الناس وعدم التكبّر. حسن إدارة الوقت: يجب على الطبيب تنظيم الوقت بين العمل والأهل، ووقت للترفيه عن النفس. مهارات الاتصال: يجب أن يتحلى الطبيب الناجح بالصبر ومهارات إيصال الأخبار السيّئة بطريقة بسيطة وغير مزعجة للمريض. الابتسامة: ليكن وجه الطبيب بشوشاً متفائلاً بالحياة رغم صعوبتها. تحمّل المسؤولية: مهنة الطبّ ليست بالمهنة البسيطة التي تتحمّل الخطأ او الاستهتار. الطموح العالي: يجب ان يتحلى الطبيب الناجح بالطموح العالي ومحاولة الوصول للأحسن والأفضل دائماً. المال ليس من أهم الأولويات .المطالعة المستمرة: يتمّ باستمرار نشر العديد من الدراسات الطبية والأبحاث والأدوية؛ فيجب أن يكون الطبيب مطلّعاً على كل ذلك، ومعرفة كل ما يدور حوله".