التخليق السياسي في السياق الغربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

التخليق السياسي في السياق الغربي

  نشر في 02 أبريل 2016 .

        السياسة كفن تسيير الشأن العام للمواطنين و كنمط للتدبير، لا معنى لها إذا لم ترتكز على الأخلاق وتمارس بتأطير من الأخلاق ، لهذا كان رهان تخليق السياسة رهان ضروري .

الدول الغربية لم تبن ديمقراطيتها من فراغ و إنما بلغتها بعد صراع طويل مع الكنيسة و النبلاء و العبودية ، حيث ترسّخت مبادئ و أخلاق سياسية أصبحت معها قواعد العمل جد واضحة يحترمها الجميع ، و التي أسست لمفاهيم و قيم كالتوافق، التراضي، الشفافية، النزاهة ...

قد يكون منظور الغرب للأخلاق في زوايا معينة أمرا منتقدا ولا سيما اذا كانت مرتبطة بالعديد من المفاهيم كالحداثة وغيرها ، لكنه على المستوى السياسي و بالخصوص يمكن تسجيل صلابة في التشبت بكل ما هو أخلاقي فلا تهاون و لا تساهل في أمر الانحراف الأخلاقي و لو بالمعنى الفردي، و رغم ان الغرب الذي يؤمن بأن الحياة الشخصية للإنسان من شؤونه الخاصة و أن توجيه النصح إليه هو فضول و هو أحيانا أيضا نوع من العنف الرمزي عليه ،فإنه في المجال السياسي لا يمكن ان يخضع لمنطق التساهل .

فالانسان العادي في السياق الغربي مثلا يمكن له ان يتزوج أو يطلق و أن يزني و يكون له عشيقات أو يشرد أولاده أو لا يتزوج أصلا ، و له حريته في ذلك لكن أن كان سياسيا لا بد أن يخرج في الانتخابات إلا و معه زوجته و أولاده و لا بد من ابتسامة عريضة و لا بد من إخراج سينمائي يبين مظهر التماسك الاجتماعي ، عن فشل أسرته الشخصية في مجتمعات لا تؤمن بالتدخل في الأشخاص فيعني مباشرة فشل مشروعه السياسي .

إن الحضوري الأخلاقي الكبير في الحقل السياسي الغربي يتجلى في العديد من المواقف لزعماء ومسؤولين سياسيين ، فهذه الوزيرة السويدية السابقة "مانا سالين" اضطرت إلى تقديم إستقالتها بعد أن أدانها القضاء السويدي بملء خزان سيارتها الخاصة بالبنزين على حساب الدولة مستخدمة كارت صرف ممنوح لها من الحكومة و بقيمة لم تزد عن 60 دولارا، و رغم أن الوزيرة تذرعت بنسيانها لبطاقتها الخاصة في البيت و اضطرارها لاستخدام الحكومية لمرة واحدة ، إلا أن القانون السويدي إعتبر هذا التصرف استغلالا للمال العام مما دفع الوزيرة إلى تقديم إستقالتها فورا .

كما أنه في سنة 2012 تقدم وزير بريطاني بتقديم استقالته حينما ضبطته الصحافة انه تهرب من أداء مخالفة القيادة باسمه و سجلها باسم زوجته لكي لا يتم سحب رخصة السياقة منه ، و في سنة 2010 قدم وزير الدفاع الألماني إستقالته بعدما اكتشف أن رسالة الدكتوراه لم يؤلفها بنفسه مما جعل الجامعة تسحبها منه مما عجل باستقالته.

من استعراض مثل هذه النماذج في السياق الغربي و مقارنتها بالسياق العربي نجد أن البون شاسع بين هذا السياق و ذاك ، مما نستشف معه أن مسألة تخليق المشهد السياسي قبل أن تكون خططا و تدابيير وعقوبات فهي أولا مرتبطة بشخصية السياسي نفسه و بإنبعاثه الداخلي الأخلاقي و بمدى إستعداده في خدمة وطنه و مواطنيه .


  • 3

   نشر في 02 أبريل 2016 .

التعليقات

جيد، هم وظفوا قيمهم المستمدة من الوصايا العشر و نحن ضيعنا قيمنا علي مستوي الحريات العامة و الخاصة، النتيجة الإنهيار الذي نعيشه، بورك فيك علي هذا الطرح المميز.
1
فارس محمد
صحيح ... شكرا على تفاعلكم

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا