التّراث الغنائي الفلسطيني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

التّراث الغنائي الفلسطيني

حكاية الأجداد ورواية الأحفاد

  نشر في 02 أبريل 2020 .

      يُعبّرُ كل شعب من شعوب العالم عن مخزونه الثّقافي من خلال أغانيه الشّعبية والتّراثية، إذ أنّها توثق جزءًا من تاريخه وعاداته، وأيّ تغير في ملامحها يؤثر على هويتها وعلاقتها مع ماضيها وحاضرها. فهي مرآة تعكس حياة الشّعب الفلسطيني المادية والرّوحية، التّي تداولتها الأجيال وتوارثتها جيلًا عن جيل.

هذا الكم الهائل من الإبداعات الشّعرية والحرفية وأساليب التّعبير المختلفة، وأساليب العيش واللّباس وألوان الدّبكات والرقصات والعادات والتّقاليد، ليعطي عبر هذا المخزون العريق الصورة الواضحة التّي تقف سدًا منيعًا في وجه الغزو الصهيوني الذي يحاول طمس تاريخ الشّعب الفلسطيني، وسرقة كل الأدلة التّاريخية التّي تدل على الحق الفلسطيني لينسبها إلى قلة منبوذة غازية ململمة من كافة أنحاء العالم، ليخلق لها تاريخًا مزيفًا يستطيع بموجبه زراعتها في أرض غريبة عنها، ليجعل لها ارتباطًا بيئيًا تستطيع الاعتماد عليه للانتشار في كافة أوصال الوطن العربي والإسلامي.

وقبل أن نتكلم عن الأغنية الشّعبية الفلسطينية لابدّ أولا من الوقوف عند مفهومها، وخصائصها.

أولا: تعريف الأغنية الشعبية الفلسطينية.

هي إحدى الموروثات الشعبية الفلسطينية التّي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل في قوالب موسيقية على إيقاع موسيقي ومقام موسيقي.

إذ ليس لها نص محدد، يرجع الأمر في ذلك لاختيار كل شاعر، حيث يكتب على هذا القالب الموسيقى ما يناسبه أو يحلو له أو

حسب المناسبة التّي يغني لها وهي تعبر عن وجدان الشّعب وعن أحواله بكافة أشكال حياته.

ثانيا: خصائص الأغنية الشّعبية الفلسطينية.

وضع الدّكتور أحمد موسي بعض خصائص الأغنية الشعبية بحيث تتميز عن غيرها من الأغاني الشائعة وهي:

- أنّ الأغنية الشعبية يجب أن تكون شائعة؛ ولكننا يجب أن نحترز، فليست كل أغنيه شائعة شعبية بالضرورة.

- أنّ الأغنية الشعبية تنتقل عن طريقة الرواية الشفوية؛ ما أوجد نصوصاً عديدة للأغنية ذاتها.

- أنّ الأغنية الشعبية تبلغ أوج ازدهارها في المجتمعات الشعبية؛ حيث لا يوجد لها نص مدون سواء كان هذا النص شعرياً أم موسيقياً.

- أنّ الأغنية الشعبية أكثر محافظة على الأسلوب الموسيقي الذي تستخدمه بالقياس إلى غيرها من الأغاني.

- أنّ سمة المرونة التي تتسم بها الأغنية الشعبية تساعدها على الديمومة، فتظل محفورة في ذاكرة الناس وتتعدل باستمرار لمواجهة الأنماط الجديدة في الحياة.

- أنّ أسماء الذين ألفوا الأغاني مجهولة تماماً عدا المحترفين الذين يكتب لهم مؤلفون أغاني ومواويل خاصة بهم.

-أنّه يمكن إضفاء صفة الشّعبية على الأغاني التّي أبدعها فرد من الأفراد ثم ذابت في التراث الشعبي الشفاهي للمجتمع (انخراط الأغنية في التراث الشعبي).

- أنّه على الرغم من الانتقال الشفاهي والجهل بالمؤلف اللذين تتصف بهما الأغنية الشعبية عامة إلا أنه لا يمكن الجزم بعدم وجود مؤلف معين أو نص معين لبعض الأغاني الشعبية.

ثالثا: نشأة وتطور الأغنية الشعبية الفلسطينية .

الأغنية الشّعبية ليس لها تاريخ محدد، فهي تمتد إلى عهد الكنعانيين الذّين هم أول من سكنوا أرض فلسطين وعاشوا فيها،

ومن ثمّ تناقلتها الأجيال شفويا ولم تدون لصعوبة تدوينها، ويقول في ذلك محمد البوجي- أستاذ الأدب العربي والشعبي الفلسطيني في جامعة الأزهر بغزة-:" الأغنية الشّعبية مصاحبة للإنسان منذ آلاف السنين، وتتطور من مرحلة لأخرى مع بقاء الجوهر، ولكن لا يُمكن تحديد بدايات الأغنية الشعبية الفلسطينية، فقد تكون بدأت من العهد الكنعاني أو الفرعوني أو حتى البريطاني".

فهي موروث شعبي وجد مع وجود الإنسان الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.

وقد مرت الأغنية الشّعبية الفلسطينية بثلاث مراحل هي:

 المرحلة الكلاسيكية: 

وتتمحور هذه المرحلة بمفاهيم طبقة الإقطاع السّائدة في ذلك الوقت، فالدين هو محور الأغنية الشّعبية الكلاسيكية، والقضاء والقدر والقبول التام إلى حد القناعة هو أقصى ما تقدمه هذه الأغاني لطبقة الفلاحين والفقراء والحرفيين.

يا زارع الود هو الود شجرة قل...... وسواقي الوداد نزحت وماءها قل

أيام بناكل عسل وأيـام بناكل خل...... أيام ننام ع السرير وأيام ننام ع التّل

أيـام نلبس حـرير وأيـام نلبس فـل..... أيام بتحـكم على أولاد الكـرام تنذل.

 . المرحلة الرومانسية: 

 بسقوط طبقة الإقطاع كانت البرجوازية التّجارية قد نشأت وأفرزت طبقة جديدة من الصناع والأجراء، وقد نتج عن ذلك مرحلة جديدة في الأغنية الشّعبية، حيث وجدت من الرومانسية منفذا للطاقة الشعبية التي تدفقت في مناخ أوسع وأشمل؛ ولكنه منفذ لم يتجاوز الهوامش البرجوازية.

مـــــــــن بعــد هشيـم العظـام لـيش التّقطـيب.......بتقطبوني يا ناس وأنا أصلي كنت طـبيب

فتـشت بالجسـم لقـيت جـرح بـلا تقطـيب.......كل ما أخيط دوايره يفلت مني ولا يطيب.

المرحلة الواقعية:

جاءت نتيجة لحتمية تطور الصراع الوطني في فلسطين في مطلع القرن العشرين وبداية الثورات الوطنية الشعبية ضد الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية.

مهمـــا طـال عتم الليل.........بتجليه شمس ا لحريــــــة

مهما طـال الليل وطال ........وغطى سواده ع الأطلال

عنا فــي الوطن أبطال .......بتعيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتـــــد شمـس الحريــة

لأجـل الزيتونه والتّوت ...... وأشجـــار المندلينــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

بدنا نحارب حتى نموت ............ أو ترجـــع فلسطينيـــــــا

رابعا: أصناف الغناء الشعبي.

للغناء الشعبي الفلسطيني أصناف مختلفة تميزه، وتعطيه نكهة فلسطينية، وهو كالآتي:

أغاني الأطفال: 

هي الأغاني التي تغنى لهم منذ لحظة الولادة سواء فرحة بميلادهم أو التّي تغنى كهدهدة لتنويمهم مثل:

يا الله اتنام.... يا الله اتنام

لاذبحلك ......طير الحمام

روح يا حمام لا تصدق ...بضحك ع فلان تا ينام

ومثل أغنية:

طاق طاق طاقيه .......... شباكين إبعليه

رن رن يا جرس...... محمد راكب عالفرس

وعندما يفرحون بالعيد مثل أغنية:

بكره العيد وبنعيد.........ونذبح بقرة السيد

والسيد ما له بقره........نذبح بنته هالشقره

ومثل فرحتهم بأول قطرات المطر في بداية فصل الشتاء مثل أغنية:

شتي يا دنيا شتي .... شتي ع خيمة ستي

شتي يا دنيا وزيدي..... شتي ع قرعة سيدي

أغاني الأفراح:

أغاني الأفراح وهي أكثر أنواع الغناء الشّعبي الفلسطيني وأهمهما، وخصوصا أغاني الأعراس والتّي تواكب العرس بكافة مراحله من الخطوبة وحتّى الزواج وتكون كالتّالي:

مثل كلمة دلعونا:

أول ما نبدى انصلي عالزين .... نبينا محمد كحيل العين

نزلو الدّبيكه على الصفين ..... فرحوا في عرسك يا أبو لعيونا

ومثل كلمة ظريف الطول:

يا ظريف الطول وقف تا أقولك......رايح عالغربه وبلادك أحسنلك

خايف يا ظريف اتروح وتتملك..... وتعاشر الغير وتنساني أنا

ومثل كلمة الجفرا:

 ومعنى كلمة جفرا هي الشّاه الصغيرة التّي تشبه الغزالة بخفتها ورشاقتها

جفرا وهي الربع..... ع حيطان أبوها

تمشي الخطوة الخطوة....... من خوف يروها

وخسارة بنت السبع للنذل يعطوها.... من بعد عيش الهنا تصبح ذليه

ومثل كلمة الميجنا:

 وهي كلمة ميجنا هي العصا الغليظة وهذه العصا كان لها عدة استخدامات مثل طحن القمح في جرن حجري وأحيانا يدقون فيها أوتاد الخيمة وتستخدم ايضا في الدفاع عن النفس بشطره مثل:

ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا .... أهلا وسهلا شرفونا أحابنا

ويرد الحاضرون على المغني أهلا وسهلا شرفونا أحبابنا

يا شجر ريحان ع حدود البلد...وتكسرت لغصون من كثر الحسد

زرعت الزرع واجا غيري حصد.....يا حسرتي غير التّعب ما نابنا

زهر البنفسج يا ربيع بلادنا...

ويرد الحاضرون زهر البنفسج يا ربيع بلادنا

 أغاني العمال: 

وخصوصا المزارع الفلاح الفلسطيني تبدأ من الدعاء لله بهطول المطر إذا تأخر المطر فيغني:

يا الله الغيث يا ربي...نسقي زرعنا الغربي

يا ربي مطر مطر...نسقي حلق هالبقر

ومثله:

 يا زرع قطفتو والندى عليه.. يا سامي ندهتو واسم الله عليه

يا زرع قطفتو من شطك يا واد.. يا فلان ندهتو من بين الأجواد

يا زرع قطفتو من شطك يا بير.. يا فلان ندهتو من عند الوزير

يا زرع قطفتو من روس الموارس.. يا فلان ندهتو من بين الفوارس

 الأغاني الوطنية:

"يا يما في دقه ع بابنا...يا يما هاي دقة أحبابنا

يا يما هاي دقه قوية...يا يما دقة فدائية

يا يما عشاق الحرية....يا يما دقوا على بوابنا"

ومثل: 

 فلسطين المنكوبة أشرف بقعة محبوبة ...في جهاد الاستعمار رفعت راس العروبة

أم الدنيا القديمة بلادي الرُسل بنتها...إلها في العالم قيمة كُتب السّما بتثبتها

ومثل: 

 هز الرمح بعود الزيــــــــــن ..وإنتوا يا نشامى منين

وإحنا شباب فلسطين.... والنعم والنعمتين

ومثل: يا فدائي خذني لا حارب .......علّمني وخذني لا حارب

يا بلادنا علينا واجب ...........نفديك كبار وصغار

في الختام نجد أن الأغنية الشعبية الفلسطينية ساهمت بشكل عام في توثيق الأحداث التاريخية التي مرت على فلسطين، وهي ناتجة عن خصوصية المرحلة التاريخية التي مرت على فلسطين، وتعتبر بأنها تعبّر عن أصدق تعبير لأنها أساساً نبعت من الأمهات والجدّات الفلسطينيّات، وحُفظت في الذاكرة لأنها تعتبر تراثا صمد أمام كل التحديات لم يكن يتسنى له الصمود، إلا من خلال تعليمه وحفظه ومزاولته وتناقله من جيل إلى جيل.



   نشر في 02 أبريل 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا