"سبعون عذرا وعذر تجهله" - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

"سبعون عذرا وعذر تجهله"

أليست غرابتنا هي طهرنا وأجمل ما فينا..أليس الغباء أن نكون مألوفين فنخسر ألقنا ووهجنا ؟

  نشر في 24 يناير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

أليس الجمال ألا نبوح بما يختلج في صدورنا..أليس الكتمان لغة أنيقة أحيانا؟
أليست غرابتنا هي طهرنا وأجمل ما فينا..أليس الغباء أن نكون مألوفين فنخسر ألقنا ووهجنا ؟
الصمت يجعلني حرا..أليس الصمت أبلغ من الكلمات تعبيراً..وأصدق من الحروف ..وأوسع أفقا من الجمل الباردة؟!

منذ بضع أيام مضت, كان قد بدأ خريفي رسمياً، وكأنني شعرت به وشعرت بنسمة مختلفة.. اليوم استمعت لسورة الكهف, وسورة يوسف,وسورة الرحمن الساحرة، وتذكرت أنه يومي الأول من الخريف، موسمي، وأغمضت عينيّ، لم استمع للقرآن بعينين مغمضتين منذ مدة طويلة، لا كلمات ولا صور ولا الوان، صوت القارئ هو اللون والصورة والكلمة!

ما أصعبها من لحظات عندما تكون محمولا على عربة تدفعها ملائكة الرحمة..لا تدري هل ستغادر المكان أم انك ستبقى هناك...أم ربما ستنتقل إلى مكان أكثر ظلاما.. في الوقت الذي اقترب فيه من مطبخ الحياة, لأكتشف أن الظل ليس إلا غطاء..وان السوس بدا ينخر العظام..وأن الحالمين من الأصدقاء لم يعودوا هنا..لم يعودوا هناك..لم يعودوا أبدا!!

نظرت في مرآتي فوجدت وجهي ناقصا.. أنا لم أعد أنا!

لم تكن سوى بضع سويعات تجلى فيها القدر أمام ناظري..ملائكة الرحمة تنتشر في كل الأرجاء..ثياب بيض كأنها الأكفان..رجل يئن هنا..وآخر يئن هناك..امرأة تستغيث..وطفل يبكي!!..مشهد يعج بالقلق السرمدي..البشر تتراكض في كل اتجاه..بملابس بيضاء مختلطة بلون الدم...

لدي شعور لازمني على الدوام بأن لا احد يملك شيئاً لأحد و ان كل شخص في هذا العالم مهما كانت له من علاقات صلبة وحميمية فإنه لا يواجه مصيره إلا وحيداً و معزولاً وبإستعداد فطري للإكتئاب والبكاء على النفس و أن لا أحد أبداً لا أحد يحقق سعادته بسبب الآخرين مهما كانوا قريبين منه و أحباء..

من زاوية ما نجد أنفسنا مسجونين داخل الجسد , بكل ألمه و تلفه البطيء , و من الناحية الأخرى , نحن مجبرون على الاختيار في كل مناسبة بين الاحباط و الضجر , و عندما نهرب بصورة مؤقتة من ضغط رغبة لم تلبى , نجد انفسنا واقعين في شرك مواقف تفشل في انصاف قدراتنا.

نحن فقط نحدق في برك الماضي ..تلك البرك سطحها يعتريه الصدأ، نرى فيها وجوهنا خلاف ما كنا نأمل !!

حين يتعلق الأمر بالراحة النفسية ..يحق للمرء أن يستغني عن كل شيء دون أن يؤنبه ضميره!!

كثيرون هم الأصدقاء والأحبة ،لا يمكن احصاءهم في الوقت الراهن..لكن هذا سيكون ممكنا عندالمرض أوالافلاس..
شتان بين حياة نحياها وبين ما ينبغي ان تكون..

لنسحق الذاكرة, ولنمحو الذكرى لنقتلها في نفوسنا فليس أقبح من أن تدوم, ولنتأمل غروب شمسنا كل يوم ..فلن نرى أبداً مثله..

انا الذي أحتاج لمن أتكيء عليه في حالي هذا .. لا أجد حتى انصاف متكئاً مؤقتاً أرمي عليه همومي واوجاعي .. الآن فقط على الأقل..

أحياناً، يكون الإخلاص خيانة للحياة..والوفاء معضلة للأيام ..أما العهد فهو ذلك المرض المزمن الذي قد يأتي علينا بغتة..

ان إقتلاع احساس من الأعماق موجع حقا..فيه خسارة بعض من الذاكرة والكثير من الروح ..لكنه ضروري لإبقاء جزء من الكبرياء..

أحيانا، نحتاج أن نحضرنا ولو لثوان معدودة..فقط لنأخذنا إلى دفء الحياة..لإشباع أرواحنا العطشى!!

"في نواح كثيرة يدمر غباؤنا اجمل أحاسيسنا"

أليس من المفجع ان نحتاج الى هزيمة كي نكتشف ان فكرنا كان قاصراً واننا اصبحنا نستجدي الناس عوضاً عن ان نكون طليعتها؟..هل نحتاج إلى كثير من الآلام والصدمات والفواجع لنتصالح مع ذواتنا؟!..هل علينا البكاء طويلا لنعرف ذواتنا أكثر؟!..ونعرف قلوبنا أكثر؟!..وكأننا نحتاج إلى كل تلك الصدمات التي تعبث بكياناتنا وأرواحنا لنتعرى مرة واحدة أمامنا...أمام خيالات كادت تقتلنا!!

النهوض،مرة أخرى قد يأتي متأخرا وربما مستحيلا..قد يكون الأوان قد فات لنتعلم من أخطائنا ..ولن نستطيع أن نتعلم منها كي نعيش دون أنْ نُعيد تلك الأخطاء مرة أخرى؟

أليس علينا إطلاق الرؤيا بعيون مختلفة..وعقول أكثر اختلافا، دون أن نرسم مسارا يمتد بعيدا فوق الرمال؟!

‏هلا جربنا قانون " السبعين عذراً ؟"

أنعشوا علاقاتكم بحُسن الظن، والتمسوا السبعين عذراً لأحبابكم .. فإن لم تجدوا، فلعله عذرٌ تجهلونه .. لاينفرط العقد،

وينتهي العهد,أليس كذلك؟

"ما قيمة الحياة, عندما تكون مجرد محطة انتظار للموت"

ماهر (باكير)دلاش


  • 13

  • Dallash
    وَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير
   نشر في 24 يناير 2020  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

منذ 4 سنة
ساضيف هذه المقالة الى قائمة المفضلة لامعن فيها واتذكرها .دمت دائما مبدعا يا عزيزي السيد ماهر .
1
في نواح كثيرة يدمر غباؤنا اجمل أحاسيسنا
هنا اضع أصبعي على الداء...صدقا ابدعت في وصف العلة و ابدعت في وصف السبعين عذرا و عذرا نجهله
أتمنى أن يفهم القراء الكرام ما كتبته من ناحية أنك وصفت داءا يدمر أحلى ما نملك.
أحسنت .
3
Dallash
لك مني اجمل التحايا دكتورة ..الابداع يتجلى في مروركم حفظك الله ..جمعتك مباركة
بارك الله في قلمك المؤمن، لا أدري لماذا العلاقات الإنسانية بهتت حتي أصبحت خيط رفيع علي حافة سكين...
2
Dallash
وبارك الله فيك وفي عمرك وفي حضورك العطر ..حفظك الله... العلاقات الإنسانية بهتت لبعدنا عن الله وعن كتابه الكريم ..
§§§§ منذ 4 سنة
احببت هذا المقطع الاخير كثيرا. "أنعشوا علاقاتكم بحُسن الظن، والتمسوا السبعين عذراً لأحبابكم .. فإن لم تجدوا، فلعله عذرٌ تجهلونه"

و فعلا... لا قيمة للحياة ان كانت مجرد انتظار للموت... الحياة اجمل و اكبر رغم حقيقتها المرة ...الحياة فرصة من اجل نهاية جميلة.
تحياتي اخي ماهر
2
Dallash
الحياة قصيرة فلنعيشها بما يرضي الله...زلنتخذ ألف عذر لاحبابنا ..حفظك الله يا احمد اسعدني مرورك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا