يقال أن النفس جحيم أبدي لا خلاص منه و لو بالموت، فالنار المشتعلة بداخلنا لن تخبو إلا بنظرة حق و وقفة صافية صادقة مع الذات.
صدقنا مع أنفسنا هو ما يجعلنا فعلا نعيش، غير ذلك فنحن كالدمى على مسرح العرائس تقودنا شياطيننا و تحركنا أهواءنا. و مهلة العمر هي فرصتنا الوحيدة لإخماد هذه النار الداخلية. فنحن لم نخلق عبثا. إذ حتى خطايانا التي نرتكبها هي في الحقيقة طريق الحكمة و العبرة. تجاربنا تصنعنا و هي صلبنا و جوهرنا، فكل تجربة ناجحة كانت أم فاشلة لها إظافات كبيرة في حياتنا و وقع شديد في أنفسنا بل هي التي ترسم دروبنا و تعلمنا كيف نسلكها. فكلما تخابت أنفسنا و تهافتت على توافه الأمور فلنجعل تجاربنا نصب أعينينا فلا بد لنا من الخروج بنور الحكمة من نار الألم. من هذه الأرض السبخة تنبت أزهار الياسمين و تنمو فتشير لنا الطريق الذي تثبت فيه أقدامنا و نخطو فيه خطانا المستقرة.
لعل تركيزنا على ظواهر الأمور هو ما يجعلنا نغفل عن بواطنها فبعض النعم تأتي على شكل إبتلاء أو إختبار أو حتى ذنب. مثل هذه الأمور هي من توقظ ذواتنا من سباتها العميق و هي من تهدم تلك الجدران السميكة من المكاذبات و المغالطات لتنبش عن ذلك النور الذي خصك به الله فتعود كما خلقك نورا من نوره.
فكلما هزمتنا بشريتنا و غلبنا هوانا فلنستنجد و لنصرخ "سبحانك لا نرى سواك" فذلك هو قارب النجاة في عالم اليوم...
-
إيمانأما ما يُكتب فيبقَى وأما ما يقال فتذروهُ الرياح