لعبة الضحية و الطاغية :القهر في المجتمعات العربية
فكل منا مفروض عليه أدوار لا يمكنها أن تشبع رغباته و احتياجاته النفسية أو الإجتماعية وبالتالي لا يمكننا أن تشعر بالاتزان و السواء النفسي
نشر في 07 ديسمبر 2016 .
نلتقي في هذه المساحات لكي نحكي همومنا و أوجاعنا و التي لا نجد من يسمعها أبدا ممن حولنا .. في كل تلك القصص نجد أن هذه الهموم تقريبا متشابهة .. تكاد تكون واحدة.. فكل منا تفرض عليه أدوار لا يمكنها أن تشبع رغباته و احتياجاته النفسية أو الإجتماعية. وبالتالي لا يمكننا أن نشعر بالاتزان و السواء النفسي، و لا يمكننا أن نكون أفرادا فاعلين في مجتمعاتنا. فمن المسؤول عن ذلك ؟
إن المجتمعات السلطوية ذات طبيعة هرمية تنتج ما يسمى بالاستبداد الإجتماعي، الذي بدوره ينتج شخصيات قلقة ومضطربة في علاقتها بنفسها و علاقتها بالمحيط الإجتماعي، كما قال محمد عباس نور الدين في كتابه " التمويه في المجتمع العربي السلطوي " إن المجتمع السلطوي ينتج شخصية ذات طبيعة مزدوجة من ناحية تبدي استعدادا كبيرا للخضوع و التبعية و من ناحية أخرى تبدي ميلا عدوانيا واضحا.. هذا النوع من الشخصية المزدوجة لا يتسم بالمعقولية ".
وتلعب التربية و التنشئة الإجتماعية في تحديد كلا من الطاغية و الضحية.. وهي الأدوار التي قلما يخرج عنها الأفراد في مجتمعاتنا العربية ودائما ما تنتج العنف و العدوان ، فكما قال الدكتور مصطفى في كتابه الشهير "سيكولوجية الإنسان المقهور " و الذي شبه العلاقة بين السلطة و المجتمع في وضع " السادومازوشية" ،" فالسادي يعنف و يقسو هربا من مازوشيته الداخلية و كلما زادت قسوته كلما دل ذلك على شدة ذعره من أن ترتد عدوانيته إلى ذاته فتدمرها، أما المازوشي فهو يرضخ ويستزل الأذى بنفسه دفاعا ضد قلق ساديته التي يخشى توجهها للخارج و إفلات سيطرته عليها".
ولذلك فإن هذا النمط من العلاقات في المجتمع لا يمكنها أبدا أن تخلق نوعا من التوازن النفسي ، مما يجعل المجتمعات العربية في حالة من التغييب عن الوعي و الإستسلام للقمع و الإستبداد .
-
Nadia Fawzyمحرر إقتصادي -- أكتب في مجال التنمية الإقتصادية و الثقافة المالية